الأربعاء، 11 مارس 2015

المحاور الاساسية للاقتصاد الكلي

هناك منظورين للاقتصاد، منظور جزئي يتعلق بالفرد او المؤسسة كوحده منفرده، يحاول ان يدرس سلوك الافراد في حالة من العزل للوصول الى تفسير منطقي للسلوك كدراسة الطلب والعرض على سلعة معينه، او تحديد سعر السلعة المناسب، او التكاليف والايرادات لشركه معينه ... وهناك منظور اوسع واشمل للاقتصاد يدرس أسباب النجاح والفشل للأداء الاقتصادي للدولة بشكل عام ويعالج مواضيع يهتم بها أصحاب القرار مثل التنمية والبطالة والتضخم.

فالاقتصاد قد يكون ظاهِرُهُ عباره عن ارقام ونقود، لكن في بواطنه الكثير من الامور المتشابكة التي لا يمكن دراستها بشكل معزول، بل تحتاج الى منظور شامل وواسع، فقد تكون المشكلة او الظاهر تتعلق بأزمة مالية لشركة واحدة لكن تبعاتها وعواقبها قد تصل الى القطاع الصحي والتعليمي والاجتماعي ...

والاقتصاد الكلي يحاول ان يجاوب عن اسئلة مهمه، تتعلق في ثلاث محاور اساسية وهي النمو الاقتصادي، البطالة والتضخم، على سبيل المثال: كيف تستطيع الدول ان تتقدم في مجال التنمية ، ما هي العوامل التي تأثر على التنمية ؟ ماهي العلاقة بين البطالة وتضخم الاسعار ؟ وماهي تأثيرها على المجتمع من الناحية الاجتماعية والصحية والتعليمية ؟ وما هو دور الحكومة لعلاج هذه الظواهر ؟ وكيف يمكن ان تحد من الاثار السلبية ؟

فالاقتصاد لا يتعلق فقط في النقود، بل يدرس سلوك الافراد والمجتمع بشكل عام في حالات مختلفة، فمثلا في حالة وجود كساد اقتصادي عالمي، قد تتأثر ايرادات الشركات العالمية مما يجعلها تحت ضغط التكاليف، فتحتاج الى تقليل مصاريفها عن طريق اغلاق بعض مصانعها، مما يترتب عليه انهاء عقود الموظفين. بالإضافة الى ذلك، قد تقوم الشركات ايضا بإعادة النظر في الخطط التوسعية للإنتاج وتأجليها لوقت لاحق، وبالتالي لا تحتاج الى تعيين موظفين جدد لتنفيذ مشاريعها، وهذا القرار يترك اثر مباشر على الخريجين الجدد الباحثين عن العمل بحيث تقل فرصهم للحصول على وظائف، وتبدأ سلسلة الاثار السلبية تنتقل من الفرد الى الاسرة،  ويجعلهم من غير مدخول شهري، غير قادرين على دفع التزاماتهم لدى البنوك والمؤسسات التمويلية و بالنتيجة ستتعرض هذه الاسر الى مسائل قانونية ومحاكم و ينتهي بهم المطاف اما بارتكاب الجرائم والسرقات لتأمين الاكل والمسكن او في السجن.

المحور الثاني هو التضخم، فارتفاع الاسعار يعتبر السرطان الذي يستهلك مدخرات الوحدات الاقتصادية (الافراد والشركات). فالدول التي تتمتع باقتصاد نشط وانتعاش اقتصادي، يدفع الاسعار الى الارتفاع، فاذا لم يصاحب هذا الارتفاع زيادة في مداخيل الافراد وايرادات الشركات، سينعكس ذلك سلبا على القوه الشرائية وتقليل قيمة النقود (المدخرات). نعطي مثال لتوضيح الصورة، المتقاعدين هم الاكثر ضررا في فترات التضخم، لان المتقاعد يحصل على راتب ثابت بحيث يستطيع ان يغطي جميع احتياجاته ويوفر القليل لأوقات الضرورة، لكن بارتفاع الاسعار ( التي قد تطيل جميع القطاعات العقارية والتجارية ... الخ) سيضطر الى صرف راتبة الشهري كله لتلبية احتياجاته وقد يصل أثر التضخم حتى امواله التي تم توفيرها في الاشهر اوالسنين السابقة.

المحور الثالث والأهم هو الانتاجية وهي عصب التنمية والتطور، يقصد بالإنتاجية هو معدل مخرجات الفرد للساعة الواحدة، مثلا انتاج الفرد الامريكي في عام 2008 هو 55$ في الساعة، ولقياس انتاجية الدولة نقوم بضرب انتاجية العامل الواحد في الساعة الواحدة  بعدد الساعات الكلية لجميع المواطنين العاملين في الدولة ( الانتاجية للساعة  Xكل فرد يعمل 8 ساعات تقريبا X  عدد العاملين في الاقتصاد ).

في المقالة القادمة سأتطرق الى المحاور الثلاثة بشكل مفصل واحاول ان اسلط الضوء على تطبيقاتها في الكويت وكيفية تعامل الحكومة مع الاثار السلبية وهل محاولات الحكومة ناجحة ام فاشلة !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق