السبت، 21 مارس 2015

نظرة في الهيكل الاقتصادي الكويتي و دبي

المقارنة (Benchmarking) تعتبر اداة من أدوات التحليل الاقتصادي وطريقة سهلة لمعرفة مستوى الدولة مقارنة بالدول الاخرى، لذلك سنقارن الاقتصاد الكويتي مع دبي عن طريق استخدام الانتاج المحلي الاجمالي (GDP)، ومعرفة أهم الفروقات بين الاقتصادين واثارها على التنمية.
قبل الشروع  في تفاصيل الانتاج المحلي الاجمالي نشرح معناه العلمي، فهو اجمالي قيمة السلع والخدمات النهائية التي تم انتاجها محليا لفترة زمنية معينة ، بمعنى اخر هي انتاجية المجتمع من الخدمات والسلع ... وهذا الانتاج المحلي يمكن تقسيمه الى قطاعات او أنشطة مختلفة مثل القطاع الزراعي او الصناعي او الكهرباء والماء او النقل والمواصلات، هذا التقسيم يساعد اصحاب القرار على تحليل الاقتصاد ويمكن من خلاله تحديد ماهي القطاعات المهمة  او التي تحتاج الى معالجة ، يمكن ايضا من خلاله التعرف على الهيكل الاقتصادي بشكل عام ومعرفة نقاط القوه والضعف ...
الجدول التالي (رقم 1) يوضح الخطوط العامة لاقتصاد الكويت ودبي، واول ملاحظه هي تقسيم اقتصاد الكويت الى قطاع نفطي و غير نفطي، والسبب في ذلك ان الكويت هي دولة معتمده بشكل كلي على النفط في ادارة الدولة، وكل الايرادات الحكومية هي ايرادات نفطية تشكل 95% من اجمالي الايرادات، طبعا هذا النوع من التقسيم يعتبر صحيح او طبيعي في حالة ان الرؤيا الاقتصادية للدولة هي رؤية نفطية اي ان الدولة تريد ان تستمر في هذا المجال وان تصبح رائده في مجال النفط وان التنمية والتطور سيقام على النفط وتقام الاستراتيجيات والخطط على هذا الاساس، لكن للأسف هذا اول خطأ (في رأيي الشخصي) تقع فيه الحكومة لان الرؤيا الاقتصادية للكويت هي ان تكون مركز مالي عالمي وليس مركز نفطي، لذلك كان الاجدر ان يتم تقسيم الناتج الاجمالي الى قطاع مالي وغير مالي او على الاقل اضافة القطاع المالي الى القطاعين المذكورين مثل ما فعلت حكومة دبي في تقاريرها كما هو موضح في الجدول التالي.
فدبي استطاعت خلال عشر سنوات ان تغير هيكل اقتصادها بشكل كلي من امارة نفطية الى مركز مالي وسياحي عالمي وأصبح سوق مهم جدا وجذاب لجميع الشركات العالمية، وهذا واضح ينعكس في تقاريرها السنوية بحيث قسمت اقتصادها الى قطاع مالي وغير مالي حتى يتناسب مع الرؤية المستقبلية والخطط الاستراتيجية ...
جدول رقم 1 – مقارنة بين الانتاج المحلي الاجمالي لدولة الكويت وامارة دبي
الكويت
النسبة من الانتاج المحلي الاجمالي
دبي
النسبة من الانتاج المحلي الاجمالي
القطاع النفطي
55%
القطاع المالي
10%
القطاع الغير نفطي
45%
القطاع الغير مالي
84%
القطاع الحكومي
5%
مصدر: الموقع الالكتروني لحكومة دبي والادارة المركزية للإحصاء لدولة الكويت
الجدول رقم 2 مقسم الى قطاعات مختلفة، وكل قطاع ونسبته الى الانتاج المحلي الاجمالي، فمن خلال الجدول يمكن ان نأكد بان النفط يعتبر المحرك الاساسي لدولة الكويت لأنه يمثل 52% من اجمالي الانتاج المحلي، واذا نظرنا ايضا الى مكونات القطاع الصناعي سنرى بان 7% تمثل صناعات نفطية وتكرير واستخراج لمشتقات النفط، يعني ان القطاع الصناعي معتمد ايضا على النفط. لكن اذا نظرنا الى اقتصاد دبي، سنرى بان النفط لا يشكل اكثر من 1% من اجمالي الانتاج، وهذا يعتبر انجاز حقيقي لحكومة دبي، وهذا يعطيها استقلالية بدرجة لا بأس بها في حالة نزول اسعار النفط، في حين ان الكويت ستتأثر بشكل كبير في حالة وجود تذبذب في اسعار النفط.
جدول رقم 2 - النشاطات الاقتصادية لدولة الكويت وامارة دبي
النشاط الاقتصادي
الكويت
دبي
الزراعة والسمك
0%
0%
الاستخراجات النفطية والغاز الطبيعي
52%
1%
الصناعة
7%
14%
الكهرباء والماء والغاز
2%
2%
الانشاءات
2%
8%
تجارة الجملة والتجزئة
3%
29%
الفنادق والمطاعم
1%
5%
الاتصال والتخزين والنقل
6%
15%
الوسائط المالية والتأمين
7%
11%
الخدمات التجارية والعقار والتأجير
7%
13%
المجتمع والخدمات الاجتماعية
14%
3%
القطاع الحكومي
6%
مصدر: الموقع الالكتروني لحكومة دبي والادارة المركزية للإحصاء لدولة الكويت
ويمكن ملاحظة بان مصاريف المجتمع والخدمات الاجتماعية التي تتحملها الدولة مرتفعة بالنسبة الى الكويت بالمقارنة الى دبي، وحتى في القطاع الاخرى مثل التجزئة والاتصالات والمالية والفنادق جميعها مستواها متدني بالمقارنة الى دبي.
وملاحظه مهمة ايضا بان جميع القطاعات في الاقتصاد الكويتي مسيطرة من قبل الحكومة وانها ليست قائمة على الشركات الخاصة والمستثمرين، مما يعنى انها جميعا مرتبطة بشكل غير مباشر بالنفط، لان الحكومة الكويتية تدعم هذه القطاعات عن طريق الايرادات النفطية، وان اي خلل في الاسعار سيضعف الانتاج في جميع القطاعات. بعكس دبي، فنسبة انفاق الحكومة ومساهمتها المباشرة في الانتاج المحلي هو 6% فقط.
قد يقول البعض بان اقتصاد دبي هش وعرضة الى الازمات العالمية وان ما حدث في 2008 كان انهيار اقتصادي لحكومة دبي لولا ان ابوظبي دعمتها وساهمت في تقليل حدة الازمة، صحيح ان دبي تعرضت الى ازمة مالية وهذا طبيعي لاي دولة لها اقتصاد مفتوح ولديها علاقة اقتصادية مع جميع الدول الضخمة، لا يوجد هناك دولة لا تتأثر في الازمات الاقتصادية، لكن التاُثر بشكل نسبي يختلف من دولة الى أخرى.
ما تعرضت له دبي ليس بسبب خلل في هيكلها الاقتصادي او ان الفلسفة الاقتصادية التي تتبناها غير صحيحة، بالعكس ما تقوم به دبي كخطة استراتيجية صحيح، لكن الخلل هو اختباء الحكومة خلف شركة عملاقة تدعي " دبي وورلد"، حكومة دبي تمتلك هذه الشركة وتدير الاقتصاد من خلالها، فهذه الشركة تعتبر الشركة الأولى تملك اكبر واهم الشركات القائمة في دبي ولها أصول كثيرة، وكانت مديوناتها كبيرة تصل الى 80 مليار دولار، وعندما حدثت الازمة قللت قيمة أصولها ولا تحمل السيولة الكافية لدفع مديونياتها لذلك اضطرت للجوء الى ابوظبي للمساعدة.
دبي أخطأت في تركيز الاقتصاد في شركه واحده وجعلتها هي المحور الأساسي لكن هذا لا يعني ان المنهج الاقتصادي وخطوطه الرئيسية غير صحيحة، فالكويت تستطيع ان تتفادي أخطاء الاخرين وان تأسس اقتصاد سليم عن طريق تبني الاقتصاد الحر وجعل القطاع الخاص شريك أساسي في إدارة الاقتصاد .
خلاصة الكلام بان لدى الكويت امكانيات اكبر وفرص كثيرة تستطيع من خلالها ان تحقق ما حققته دبي في خلال 5 سنوات، وان كل يوم تتأخر فيها الحكومة عن تطبيق المنهج الصحيح سيدفع ثمنه الشعب الحالي والاجيال القادمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق