الجمعة، 12 يونيو 2015

استيراد العمالة الاجنبية سلبي ام ايجابي على الاقتصاد الكويتي (الجزء الاول ) !

قبل يومين اعلنت جريدة الرأي العام الكويتية عن رقم كبير جدا ترصد الصفحة الاولى  يتعلق بتحويل رؤوس الأموال من قبل الوافدين الى خارج الكويت ، وكان الرقم يعتبر اكبر من ميزانية الكويت السنوية ما يعادل 21 مليار دينار (70 مليار دولار تقريبا) خلال 4 سنوات السابقة اي ما يقارب 5 مليارات سنويا ... المبلغ الحقيقي يفوق هذا الرقم، لان ما تم نشرته هو فقط اجمالي المبالغ الرسمية المسجلة في انظمة الدولة، فهناك اموال تم تحويلها بشكل غير رسمي ولم تسجل قد تصل الى ضعف هذا المبلغ المذكور ... مثال على ذلك هو نقل النقود أثناء سفر الوافدين الى بلدانهم، وخاصة في الدول الفقيرة التي لا يوجد لديها سياسات تعمل على الحد من نقل الاموال بشكل مسيل او (كاش) ...
لكن التعليق ليس على ظاهرة تحويل الاموال الى الخارج او على حجم الرقم، فهي عوارض مشكلة وليست المشكلة بذاتها، هي دخان لنار أعظم ... التحويلات المالية هي ضريبة استيراد العمالة الاجنبية والموارد البشرية... تحويل رؤوس الاموال هي احد تداعيات المشكلة، بل هناك ظواهر سلبية اخرى تترك اثر كبير على الاقتصاد بشكل مباشر وغير مباشر مثل ارتفاع معدل البطالة وقلة الاستثمارات المحلية، ارتفاع التكلفة على الدولة، تردي مستوى الخدمات العامة، العنصرية، الجرائم، التكدس العمالي الاجنبي في القطاع الخاص تحجيم دور المواطنين ...
نعرض بعض الاحصائيات التي تتعلق بتوظيف واستيراد العمالة الاجنبية في هذه المقالة وفي المقالات القادمة نتحدث عن مميزاتها وعيوبها لكن بشكل سريع ومختصر نقول بان استيراد العمالة الاجنبية يؤدي الى زيادة العرض في اعداد الافراد الراغبين في العمل، بحيث يزيد من حدة المنافسة بين المواطنين والوافدين للحصول على وظائف مناسبة، ولان تكلفة الوافدين أقل من رواتب المواطنين الكويتيين، تقوم الشركات والمؤسسات الاهلية في تعيينهم، الجدول التالي يوضح التوزيع العددي للوافدين في القطاع الخاص:

اقسام المهنة الرئيسية
العدد
النسبة
المشتغلون بالمهن العلمية والفنية
154006
11.03%
المدراء
41414
2.97%
المشتغلون بالأعمال الكتابية
92236
6.60%
المشتغلون بأعمال البيع
151682
10.86%
المشتغلون بمهن الخدمات
167248
11.98%
المشتغلون بمهن الزراعة والصيد
61671
4.42%
عمال الإنتاج وسائل النقل والعمال العاديـون
728170
52.14%

العدد الاجمالي للوافدين في القطاع الخاص هو تقريبا 1.4 مليون شخص يعني تقريبا 40% من سكان دولة الكويت يعملون في القطاع الخاص فقط ( اجمالي الوافدين في الدولة الموظفين والغير موظفين 2.5 مليون تقريبا 70% من عدد السكان  واذا ما اردنا مقارنة نسبة المواطنين الكويتيين في القطاع  الخاص مع عدد الوافدين سنرى بان الكويتيين يمثلون اقل من نصف في المئة (0.05%)، اي حوالي 60 الف شخص كويتي فقط يعمل في القطاع الخاص مقارنة ب 1.4 مليون وافد ... لكن في القطاع الحكومي ترى النسبة اقل بحيث 30% من الوافدين و70% من الكويتيين يعملون في المؤسسات الحكومية، وهذه نتيجة سياسيات التكويت التي قامت بها الحكومة الكويتية في السنين الاخيرة ...
لكن هل هذه الارقام مؤشرات جيدة ام لا ؟ اجاوب على هذا السؤال في المقالة القادمة انشاء الله ... 

الاثنين، 8 يونيو 2015

هل قضية اليونان هي بداية نهاية اليورو ؟ 8 يونيو 2015

الجميع يتحدث الان عن حالة اليونان الاقتصادية والخوف بانها الشرارة التي ستفجر منطقة اليورو وتسبب بانهيار الاتحاد الاوروبي، لكن في نظري اعتقد بان هذا السيناريو بعيد عن الواقع ...

قضية اليونان لها أبعاد كثيرة، احاول في هذه المقالة ان اسلط الضوء بشكل سريع على اهم القضايا واستعين بدولة (التانجو) الأرجنتين كمثال اقتصادي اقارنه في حالة اليونان الحالية لنعرض حالات التشابه والاختلاف محاولين ان نتوقع الاحداث القادمة ...
السبب الرئيسي في الجدال الحالي عن اليونان هو عدم قدرتها على سداد الديون المستحقة للدائنين مثل المانيا والاتحاد الاوروبي ... بدأت رحلة الانقاذ في عام 2009 عندما طلبت اليونان مساعدات مالية من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي لتجنب الافلاس والتخلف عن سداد الديون، وتم طرح حليين: الاول هو خروج اليونان من الاتحاد الاوروبي او تقديم مساعدات واقراض مكثف بشرط ان تقوم الحكومة اليونانية بتطبيق سياسات التقشف وتقليل الانفاق ورفع الضرائب لمعالجة الديون. وكان القرار النهائي هو الاقراض تجنبا لحدوث مشاكل اكبر قد تصل الى انهيار الاتحاد الاوروبي ...

لكن بعد 6 سنين من المساعدات لم تستطع اليونان من تحسين حالة الديون واصبحت نسبة الديون الى الناتج المحلي الاجمالي تزيد عن 175% وهي نسبة ضخمة جدا اذا ما قورنت بالدول الاخرى، فالصندوق النقد الدولي حدد النسبة المثالية للدول المتقدمة ب 60% كحد أعلى و 40% للدول النامية، تم تخفيض تصنيف اليونان من دولة متقدمة الى نامية بعد الازمة المالية العالمية عام 2008 مما يعني ان نسبة ديونها تفوق المعدل الطبيعي بأكثر من 3 أضعاف ... الرسم البياني التالي مقارنة بين اليونان وايطاليا والمانيا كنوع من التقدير واعطاء صورة اوضح عن وضعها الاقتصادي



المصدر: EuroState

بعد القاء نظرة سريعة عن مشكلة اليونان، لنجيب عن اول سؤال يتعلق في هذه القضية وهو هل خروج اليونان من الاتحاد الاوروبي هو بداية انهيار عملة اليورو ؟

في اعتقادي الشخصي لا اعتقد ذلك، لان ما سيحدث لليونان بعد خروجها من الاتحاد الاوروبي وما ستتعرض له من ازمات مالية وسياسية قاسية سيجعلها درس لباقي الدول الأوروبية التي تحذوا حذوها وستجعلهم يعيدوا النظر في نواياهم ... التنازل عن اليورو كعملة دولية والغائها من المعادلات التجارية سيجعل العالم أسير للولايات المتحدة الامريكية ويزيد من قوتها وسطوتها على الدول الكبرى، غياب اليورو سيزيد الاعتماد العالمي على الدولار الامريكي وهذه تعتبر ميزة تنافسية لأمريكا وتزيد من ملائتها المالية بحيث تستطيع ان تزيد من ديونها السيادية دون تخوف من الافلاس ... وهذا الشيء لا يرضى الدول الاوروبية المتقدمة مثل فرنسا والمانيا والصين وروسيا ... 


السؤال الثاني هو ماهي الاثار السلبية على الاقتصاد اليوناني في انفصالها عن الاتحاد الاوروبي ؟
الجواب على هذا السؤال يكون بدراسة امثلة التاريخية السابقة مثل الارجنتين، فالأرجنتين قد مرت في ازمة مشابهة في عام 2001م تركت اثر سلبي كبير على اقتصادها، بحيث انخفض الناتج المحلي وارتفعت معدلات التضخم وزادت نسبة البطالة لتصل الى 50%، أصبح اكثر من 50% من المقيمين يعيشون تحت خط الفقر ... لم تستطع الارجنتين ان تدفع ديونها مما دفع المستثمرين الى سحب رؤوس الاموال من الاقتصاد، بدأ الناس بسحب اموالها وفي غضون ساعات أصحبت البنوك فارغة من النقود، وفقدت الارجنتين الثقة في سوف الديون ولم تجد احدا يرغب في اقراضها مما جعل معدلات الفائدة ترتفع بشكل كبير لاستقطاب المستثمرين ...

بل حتى عملتها بدأت تتدهور وتضعف بصورة جوهرية امام الدولار الامريكي، مما ادى الى العجز في سداد الديون المحلية ايضا، بل حتى المواطنين أصبحوا فقراء خلال ساعات بحيث لا يستطيعون سداد ديونهم في العملات الاجنبية ... لكن في نفس الوقت الانخفاض في العملة ساعد الصادرات الارجنتينية وخاصة الزراعة في الازدياد وأصبحت لها ميزة سعرية تنافسية بحيث ساعدت الدولة في تحسين حالة الاقتصاد ولو كانت على الامد الطويل ...

اليونان تمر بنفس حالة الارجنتين لكن بوجود بعض الاختلافات وهي ان لديها من يساندها ويقرضها بعكس الارجنتين التي جبرت ان تدخل في مرحلة الكساد بعد رفض صندوق النقد الدولي مساعدتها، والاختلاف الثاني هو عدم وجود عملة لليونان بعكس الارجنتين ... فاليونان تعتمد على اليورو وخروجها من الاتحاد الاوروبي يعني عودتها الى "الدراخما"، وهذا هو احد الاسباب التي ستعجل من انهيار النظام المالي ... وحتى بعد عودتها ستحتاج الى وقت لطباعة النقود وتوفيرها في البنوك، وحتى اذا ارادت ان تستخدم انخفاض العملة كسلاح لتحفيز صادراتها، فقد لا تتمكن من ذلك لأنها دولة غير مصدرة فاقتصادها يعتمد على السياحة والنقل البحري اكثر من انتاج البضائع والتصدير ... اليوم التي ستقرر اليونان فيها ان تخرج من الاتحاد الاوروبي سيحصل التالي:
1.       سيفزع الناس ويتوجهون الى البنوك وستكون هناك ازمة سيولة وتفرغ البنوك من المال خلال ساعات
2.       سيتم سحب جميع الودائع الاجنبية من البنوك، او ستقوم الحكومة بتحويلها الى الدراخما، بمعنى اخر ان الحكومة ستقوم بمصادرة الاموال لكن بطريقة غير مباشرة تاركة اثر سلبي على ثروات المستثمرين
3.       توقف البنك المركزي الاوروبي عند مساعدة البنوك اليونانية
4.       سيتحول اكثر من 70% من المواطنين الى فقراء خلال ساعات
5.       ستخسر اليونان ثقة المستثمرين والدائنين ما يضغط على اسعار السندات اليونانية للارتفاع لاستقطابهم وبالتالي ستنخفض اسعار السندات حتى تصل ارقام قريبة من الصفر

الخميس، 4 يونيو 2015

جيمس بوند الكويت وشركة أبل ...

احد الزملاء البطالية الذي دائما يحسسك بان هناك مؤامرة عظيمة وانه مستهدف من سي أي ايه CIA و اف بي أي FBI، يقول بان الولايات المتحدة الامريكية لا تستطيع ان تعيش من غير نفط الخليج وان اقتصادها هش بحيث أي عملية تخويف من قبل دول الخليج في قطع النفط عنهم سيهدم الاقتصاد الأمريكي ويجعلة " طحين " ... بس ما يندرى هل هو طحين اسمر ولا ابيض ؟!
نقول حق اخونا جيمس بوند لننظر الى الموضوع بشكل عقلائي ونضع الدول الخليجية في كف وشركة من شركات الولايات المتحدة الامريكية في كف الاخر ... وأقول شركة ولا أقول دولة، لان باعتقادي الشخصي ان شركة من الشركات الامريكية كفيلة بصرع اقتصاديات دول الخليج من ناحية الاستقرار والتطور التكنلوجي والنمو الاقتصادي والأداء المالي ...
شركة "أبل" وهي قصة من قصص النجاح الأمريكي، شركة غيرت مسار العالم ووضعت الإنسانية على خط تنمية جديد وقلبت موازين الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فهي التي عززت موقف التكنلوجيا في السنوات الأخيرة وخلقت أسواق جديدة في العالم وضاعفت نسبة الإنتاج العالمي وقللت من معدلات البطالة، ففي الصين فقط خلقت ما يقارب 3 ملايين وظيفة، ونصف هذا العدد ينتج ما يقارب 3.4 مليار دولار سنويا من السوق الالكتروني لبرامج ابل ما يطلق عليه " أبل ستور"
لتقريب القارئ من النتيجة النهائية التي اريد ان اوصلها، اعرض الرسم البياني التالي وهو مقارنة بين الميزانيات السنوية لبعض دول الخليج والعراق وارباح شركة أبل لسنة 2014


نلاحظ بان ارباح شركة ابل تساوي 3 اضعاف ميزانية دولة الكويت وقريبة من ميزانية العراق والسعودية بل المتوقع بانها ستصل الى 220 مليار دولار في نهاية 2015 ...
اذا كانت شركة واحدة فقط من شركات أبل خلقت وظائف في دولة واحدة فقط بعدد يفوق سكان دولة الكويت، وارباحها السنوية تفوق ميزانية الدولة بثلاثة اضعاف، كيف يمكن اخونا جيمس بوند ان يحاجج الناس بمثل هذه التفاهات ؟
شركة أبل لم تقف عند التجارة التقليدية التي تسعى وراء الأرباح فقط، بل تعدت هذه الخطوط لهدف اسمى من ذلك بحيث تهدف الى تشغيل جميع افرعها وعمليات الإنتاج على الطاقة المتجددة، وهي في المرحلة الأخيرة من تحقيق الهدف، فهي حاليا تعمل بطاقة متجددة بالكامل في الولايات المتحدة الامريكية وتقوم بإنشاء محطات للطاقة الشمسية في الصين والتي تستطيع ان تضيئ ما يقارب 61 الف وحدة سكنية ... وهذا النوع من الاجازات لم يأتي من فراغ، جاء بسبب البحوث والتطوير التي تحدد لها ميزانية لا تقل عن 4 مليارات سنويا، والرسم البياني التالي يوضح نسبة الانفاق على التطوير


لكن السؤال كم هي نسبة الانفاق الحكومي في دول الخليج على التطوير العلمي والبحوث ؟ ما تقوم به الولايات المتحدة الامريكية ليس مستحيلا، وهناك من الدول الصغيرة التي تبنت هذا النوع من التفكير وأصبحت أفضل من الولايات المتحدة الامريكية في مؤشراتها الاقتصادية اذا اخذنا في عين الاعتبار الاختلاف في حجم الاقتصاد ، وافضل مثال هي دولة سنغافورة، بحيث بدأت الدول الأوروبية وامريكا بإرسال طلبتهم الى سنغافورا لطلب العلم والاستفادة من تجاربهم ...
لكن اكتفي بهذا القدر ولا اريد ان اتحدث عن سياسات الشركة في تطوير الموارد البشرية وطريقة إدارة الأصول حتى لا يزعل علينا اخونا جيمس بوند ...