الاثنين، 8 يونيو 2015

هل قضية اليونان هي بداية نهاية اليورو ؟ 8 يونيو 2015

الجميع يتحدث الان عن حالة اليونان الاقتصادية والخوف بانها الشرارة التي ستفجر منطقة اليورو وتسبب بانهيار الاتحاد الاوروبي، لكن في نظري اعتقد بان هذا السيناريو بعيد عن الواقع ...

قضية اليونان لها أبعاد كثيرة، احاول في هذه المقالة ان اسلط الضوء بشكل سريع على اهم القضايا واستعين بدولة (التانجو) الأرجنتين كمثال اقتصادي اقارنه في حالة اليونان الحالية لنعرض حالات التشابه والاختلاف محاولين ان نتوقع الاحداث القادمة ...
السبب الرئيسي في الجدال الحالي عن اليونان هو عدم قدرتها على سداد الديون المستحقة للدائنين مثل المانيا والاتحاد الاوروبي ... بدأت رحلة الانقاذ في عام 2009 عندما طلبت اليونان مساعدات مالية من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي لتجنب الافلاس والتخلف عن سداد الديون، وتم طرح حليين: الاول هو خروج اليونان من الاتحاد الاوروبي او تقديم مساعدات واقراض مكثف بشرط ان تقوم الحكومة اليونانية بتطبيق سياسات التقشف وتقليل الانفاق ورفع الضرائب لمعالجة الديون. وكان القرار النهائي هو الاقراض تجنبا لحدوث مشاكل اكبر قد تصل الى انهيار الاتحاد الاوروبي ...

لكن بعد 6 سنين من المساعدات لم تستطع اليونان من تحسين حالة الديون واصبحت نسبة الديون الى الناتج المحلي الاجمالي تزيد عن 175% وهي نسبة ضخمة جدا اذا ما قورنت بالدول الاخرى، فالصندوق النقد الدولي حدد النسبة المثالية للدول المتقدمة ب 60% كحد أعلى و 40% للدول النامية، تم تخفيض تصنيف اليونان من دولة متقدمة الى نامية بعد الازمة المالية العالمية عام 2008 مما يعني ان نسبة ديونها تفوق المعدل الطبيعي بأكثر من 3 أضعاف ... الرسم البياني التالي مقارنة بين اليونان وايطاليا والمانيا كنوع من التقدير واعطاء صورة اوضح عن وضعها الاقتصادي



المصدر: EuroState

بعد القاء نظرة سريعة عن مشكلة اليونان، لنجيب عن اول سؤال يتعلق في هذه القضية وهو هل خروج اليونان من الاتحاد الاوروبي هو بداية انهيار عملة اليورو ؟

في اعتقادي الشخصي لا اعتقد ذلك، لان ما سيحدث لليونان بعد خروجها من الاتحاد الاوروبي وما ستتعرض له من ازمات مالية وسياسية قاسية سيجعلها درس لباقي الدول الأوروبية التي تحذوا حذوها وستجعلهم يعيدوا النظر في نواياهم ... التنازل عن اليورو كعملة دولية والغائها من المعادلات التجارية سيجعل العالم أسير للولايات المتحدة الامريكية ويزيد من قوتها وسطوتها على الدول الكبرى، غياب اليورو سيزيد الاعتماد العالمي على الدولار الامريكي وهذه تعتبر ميزة تنافسية لأمريكا وتزيد من ملائتها المالية بحيث تستطيع ان تزيد من ديونها السيادية دون تخوف من الافلاس ... وهذا الشيء لا يرضى الدول الاوروبية المتقدمة مثل فرنسا والمانيا والصين وروسيا ... 


السؤال الثاني هو ماهي الاثار السلبية على الاقتصاد اليوناني في انفصالها عن الاتحاد الاوروبي ؟
الجواب على هذا السؤال يكون بدراسة امثلة التاريخية السابقة مثل الارجنتين، فالأرجنتين قد مرت في ازمة مشابهة في عام 2001م تركت اثر سلبي كبير على اقتصادها، بحيث انخفض الناتج المحلي وارتفعت معدلات التضخم وزادت نسبة البطالة لتصل الى 50%، أصبح اكثر من 50% من المقيمين يعيشون تحت خط الفقر ... لم تستطع الارجنتين ان تدفع ديونها مما دفع المستثمرين الى سحب رؤوس الاموال من الاقتصاد، بدأ الناس بسحب اموالها وفي غضون ساعات أصحبت البنوك فارغة من النقود، وفقدت الارجنتين الثقة في سوف الديون ولم تجد احدا يرغب في اقراضها مما جعل معدلات الفائدة ترتفع بشكل كبير لاستقطاب المستثمرين ...

بل حتى عملتها بدأت تتدهور وتضعف بصورة جوهرية امام الدولار الامريكي، مما ادى الى العجز في سداد الديون المحلية ايضا، بل حتى المواطنين أصبحوا فقراء خلال ساعات بحيث لا يستطيعون سداد ديونهم في العملات الاجنبية ... لكن في نفس الوقت الانخفاض في العملة ساعد الصادرات الارجنتينية وخاصة الزراعة في الازدياد وأصبحت لها ميزة سعرية تنافسية بحيث ساعدت الدولة في تحسين حالة الاقتصاد ولو كانت على الامد الطويل ...

اليونان تمر بنفس حالة الارجنتين لكن بوجود بعض الاختلافات وهي ان لديها من يساندها ويقرضها بعكس الارجنتين التي جبرت ان تدخل في مرحلة الكساد بعد رفض صندوق النقد الدولي مساعدتها، والاختلاف الثاني هو عدم وجود عملة لليونان بعكس الارجنتين ... فاليونان تعتمد على اليورو وخروجها من الاتحاد الاوروبي يعني عودتها الى "الدراخما"، وهذا هو احد الاسباب التي ستعجل من انهيار النظام المالي ... وحتى بعد عودتها ستحتاج الى وقت لطباعة النقود وتوفيرها في البنوك، وحتى اذا ارادت ان تستخدم انخفاض العملة كسلاح لتحفيز صادراتها، فقد لا تتمكن من ذلك لأنها دولة غير مصدرة فاقتصادها يعتمد على السياحة والنقل البحري اكثر من انتاج البضائع والتصدير ... اليوم التي ستقرر اليونان فيها ان تخرج من الاتحاد الاوروبي سيحصل التالي:
1.       سيفزع الناس ويتوجهون الى البنوك وستكون هناك ازمة سيولة وتفرغ البنوك من المال خلال ساعات
2.       سيتم سحب جميع الودائع الاجنبية من البنوك، او ستقوم الحكومة بتحويلها الى الدراخما، بمعنى اخر ان الحكومة ستقوم بمصادرة الاموال لكن بطريقة غير مباشرة تاركة اثر سلبي على ثروات المستثمرين
3.       توقف البنك المركزي الاوروبي عند مساعدة البنوك اليونانية
4.       سيتحول اكثر من 70% من المواطنين الى فقراء خلال ساعات
5.       ستخسر اليونان ثقة المستثمرين والدائنين ما يضغط على اسعار السندات اليونانية للارتفاع لاستقطابهم وبالتالي ستنخفض اسعار السندات حتى تصل ارقام قريبة من الصفر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق