الجمعة، 6 أبريل 2012

التغيير بين مطرقة المواجهة وسندان الجهل


ان الله سبحانه وتعالي انعم على الانسان القدرة علي التكيف والتغيير، التغيير الذي جعلنا على طريق الهداية وباب الرحمة الاسلامية، لولا التغيير لما وجد الاسلام والمسلمين ، فاول من بادر فيها هو رسولنا الاعظم "صلى الله عليه واله وسلم" عنده تقبله الحياة الجديدة الممتلئة بالمسؤولية ومشقة حمل الدعوة الاسلامية ونقلها للشعوب.
فالتغيير هو الانتقال من حالة معلومة الى حالة مجهولة منشودة، كالتحول من حالة السكون الى حالة الحركة، ويمكن ايضا تعريفه باسلوب التضاد وهو الشيئ المعاكس للثبات، ويمكن ان يكون التغيير ايجابي او سلبي، وهناك مستويات في التغيير اولهم المستوي الفردي ثم المستوى العائلي ثم المستوي المجتمعي ، وايضا هناك انواع كثيرة لتغيير مثل التغيير الفكري والتغيير السياسي والتغيير الاجتماعي، مايهمنا هنا هو التغيير الام والاصل وهو التغيير الفكري علي المستوى الفردي، اما بالنسبة الى المستوي العائلي والمجتمعي سيكون في مقاله اخرى نتكلم عنهم بالتفصيل انشاءالله.

التغيير هو حاجة ضرورية وليست من الكماليات، لايمكن الاستغناء عنه ولا الهروب منه، وكلنا نعيش فيه، والدليل على ذلك اجسامنا فهي تتغير بمرور الايام من الضعف الي الكمال الي الضعف، وفي كل مرحله نحاول ان نتكيف بطريقة مختلفه فعند الصغر نهيئ الجسم ونقويه عن طريق الصبر ومرور الوقت الذي بدوره يقوي عضلات الطفل ويجعله يمشي وياكل ويلعب، وعند  وصول الكمال نحاول ان نطيل الصحه بممارسة الرياضة والانتباه الى الاكل، وفي الكبر نقوم بتناول الادوية للمحافظه على الصحة وتقليل الالم.

فاذا اقرينا بان التغيير امر حتمي، تآتي بالتبعية مسآله الاولويات والاصل، وهو التغيير الفكري، فلاولا التغيير الفكري لما استطعنا  مواجهة تغيير اجسامنا ومعرفه الكيفية التي نعالجهم بها، فالتغيير الفكري هو تغير المعتقدات والقيم التي نمت من خبرات سابقة، لكن لماذا نحتاج الي التغيير الفكري ؟ نحتاج الى التغيير الفكري لان الفكر جزء من معادله عناصرها متغيرة لا تعرف السكون، فالزمن يتغير والمخلوقات تتغير والعالم باجمعه يتغير، لذلك اصبح علينا لزاما ان نتغير والا اصبحنا علة وعائق على المجتمع، يقال " لكل زمن دولة ورجال"، فلايصلح ان يكون لكل زمن نفس العقول والتفكير باجساد مختلفة، ترث منهجها مجملا وتفصيلا من جيل الى جيل وتطالب ايضا بالتطور والتقدم.

نعم التغيير صعب، لكنه صعب على التقليدي الذي يخاف المجهول والانسان عدو مايجهل، صعب علي الذي يخاف معارضه النفس، صعب علي الذي يخاف من كلام التقليديين، ولكنه ايضا سهل على المتجرآ على عقله، الدائم علي تهيئة العقل والنفس الى اكتشاف المجهول، والساعي الى تحقيق الهدف والمتحمل  لمرارة الفشل.
لا يمكن للطموح والتطور والاصلاح ان يتقابل مع السكون والثبات، قال سبحانه وتعالي " ان الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بانفسهم" ، وللتغيير تكلفة يجب ان يتحملها الباحث عن حقيقة الامور، ففي التغيير لا تجد الراحة والطمانينة المطلقة، لاتجد النظره الطبيعية من الاخرين، لاتجد القبول المطلق من الاخرين.

اذا كنا من اصحاب التغيير والمؤيدين له، علينا بتهيئه انفسنا ومن حولنا للتغيير الي الافضل، فالتغيير يزداد بالحوار المحترم والعلمي، علينا بمحاكاة العقول لا النفوس، علينا بملازمة المتميزين، علينا بفهم المجهول ودراسته لتقليل غيبياته وتوضيحه ملامحه، علينا مراعاة البيئية وظروفها وافرادها، فالكبير له حق الاحترام والصغير له حق التقدير، لا يمكن حصر المعلومات او الفهم على فئة عمرية، على الصغير المحاورة بآدب وعلى الكبير الاعتراف بعقلانية الصغير، " اعطي لكل ذي حق حقه"، علينا بالاعتراف اذا واجهنا الحق واكتشفنا جهلنا.

عزيزي القارئ ان الثابت الوحيد هو التغيير، وثمن التغيير معجل وثمن السكون مؤجل، فواجه جهلك بالاعتراف والتجرآ على العقل وبادر بالنقاشات البناءه وجرد نفسك من قيود البيئة التقليدية، فالمتميزون هم المبادرون للتغيير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق