الخميس، 19 أبريل 2012

خفض قيمة الدينار بين الوزارة وخطة التنمية

وسط الزحمة النقاشية بخصوص موضوع ميزانية الدولة ومطالبات النواب بزيادة الرواتب، صرح وزير المالية الشمالي بان الحل الوحيد لتجنب الكارثة الاقتصادية التي ستحصل بالميزانية هو تخفيض سعر الدينار الكويتي للاستفادة من تحويلات الناتجة من بيع النفط، لهذا التصريح منظورين: منظور اقتصادي ومنظور سياسي. ولكن قبل التطرق الى التفاصيل اوالتحليل ما المقصود بخفض سعر الدينار وما علاقته بميزانية الدولة ؟
دولة الكويت تقوم بعقد صفقات نفطية بعملات اجنبية، بمعنى تقوم الدولة ببيع النفط بالدولار ثم تقوم بتحويل الايرادات من الدولار الى الدينار، ولتزيد الدولة ايراداتها تقوم بتخفيض عملتها ليكون مثلا الدولار 1 $ = 0.277 د.ك الي 1 $ = 0.135 د.ك وبالتالي زيادة الايرادات بالدينار الكويتي عند التحويل لانه القيمة الشرائية للدولار بالنسبة للدينار الكويتي اصبحت اكبر.
من المنظور الاقتصادي، لاشك ان الاقتراح يزيد من ايرادات الدولة ويعتبر احد الوسائل للتغلب على مشاكل الاقتصادية لكنه يعتبر الاخطر والاخير، فهو يعتبر ندبة في وجه خطة التنمية، لما له من نتائج سلبية كثيرة اهمها:
1. خفض سعر العملة يعني تقليل القوة الشرائية للدينار، ما يحصل عليه المواطن بالوقت الحالي بقيمة 1دينار، سيحصل عليه بقيمة 2 دينار بعد خفض العملة، هذا يعني ان تخفيض العملة سيكون السبب الاساسي في خلق التضخم في الاسعار.
2. خفض قيمة الدينار يؤدي الى خفض قيمة الاصول التي تمتكلها الشركات الاستثمارية.
3. اخفاض سعر العملة يبعث رسالة صريحة الى الدول الاجنبية بان الدولة تعاني من مشاكل اقتصادية وبالتالي سؤثر على عمليات استقطاب الاستثمارات الاجنبية، لان الاسثتمارات تحتاج الى بيئة اقتصادية مستقرة.
4. خفض العملة يعتبر حل مؤقت وليس دائم، لما له من تأثير سلبي على المستوى المعيشة القوى الشرائية للافراد، مما يؤدي الى مطالبات اخرى لزيادة الرواتب، وستواجه الحكومة نفس المشكلة مرة اخرى.
اما اذا نظرنا الى الموضوع من الناحية الساسية، فان التصريح يعتبر دليل واضح على تردي المستوي الحكومي، وانه يضع وزارة المالية بين امرين: ان الوزارة لا تمتلك المؤهلات الاقتصادية والمالية لاقتراح الحلول المناسبة وان هذا الاقتراح هو الوحيد الذي استطاعت العقول الوزارية باكتشافه، او ان الوزارة تعتبر مسيرة ولاتملك اي حل اخر غير تخفيض سعر العملة بسبب فقدان الدعم الحكومي او غياب الحلول في خطة التنمية، فاذا كان الاول فهذا يعني ان الوزارة يتقلدها ناس لاتستحق المناصب وان مايدور في خلد الوزارة هوعبث واستهتار في الاموال العامة، اما اذا كان الثاني فهذه ام المصائب، فالحكومة وضعت خطة لمدة خمس سنوات لتعالج مشاكل خمس سنوات على اقل تقدير، فكيف يمكن ان تحدث مشكلة كان المفترض ان لا تقع؟ ولماذا يغرد وزير المالية بحلول مخالفة لخطة التنمية ؟ او على الاقل لماذا لم يكن اقتراحه مذكور في خطة التنمية ؟
فكلا الحالتين، الاقتراح بخفض العملة هو دليل صارخ على سوء الادارة الحكومية وعدم جديتها في وضع حلول جذرية لمشاكل معلقة من سنين ، وان حلولها هي حلول ردة فعل، وان خطة التنمية خطة من غير خطة.
اخواني افضل حل للقضية هي خلق مصادر دخل جديدة للدولة وتقليل الاعتماد على النفط، دولة الكويت تعاني من اقتصاد هش يعتمد كليا على اسعار النفط، ارتفاع وانخفاض الاسعار ليس تحت سيطرة الدولة بل تحت سيطرة الاقتصاد العالمي، والحل الثاني هو ربط زيادة الرواتب بانتاجية الموظفين ومعدل التضخم السنوي، فالزيادات الاعتباطية الغير مدروسة تخلخل سوق العمال وتخلق فجوات لايمكن سدها الى بتضحيات لايمكن لاقتصادنا تحمله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق