الثلاثاء، 17 مارس 2015

المعوقات الاساسية للتنمية الكويتية


اي شخص يقرأ الصحف اليومية يستطيع ان يميز الفرق الشاسع بين التقدم الذي تحرزه الدول المجاورة كدولة الامارات والهبوط المستمر الذي يعاني منه بلدنا العزيز ... الصحف الاماراتية تملئها الانجازات والخطط والتطبيقات والمعاهدات ... وصحفنا الكويتية تملئها المشاحنات السياسية والتقشفات الاقتصادية والاكاذيب الاعلامية و حرقة القلب والاعصاب ... اذا اردت ان تقارن الدولتين من اي جهة، سترى ان الامارات تتفوق بأضعاف مضاعفة عن دولتنا الا في شيء واحد وهو التفوق في الهبوط ... في هذه المقالة سنتطرق بشكل سريع على اهم العوامل الاقتصادية التي تمنع الكويت من التقدم في مجال التنمية  وان تسير في ركاب الدول المجاورة، وفي المقالة القادمة سنقارن بين دولة الامارات وبالخصوص امارة دبي، مع الكويت من الناحية الاقتصادية وسنتطرق الى اهم المؤشرات الاقتصادية التي تشكل ماهية وخصائص الاقتصاد ...

لذلك نستغل هذه المقالة لإعطاء مقدمة عن المشاكل الاساسية  تمهيدا للمقالة القادمة ونقول بان المشكلة الاساسية هي النظام الاقتصادي الذي تتبناه الحكومة الكويتية، فالنظام الاقتصادي يتمحور حول امرين : من هو الذي يمتلك الموارد الاقتصادية وما هي الالية التي تنسق وتربط هذه الموارد ببعضها، و الحكومة في الامرين اضاعة البوصلة وخلقت نظام لا يتناسق لا مع الرؤية التي وضعها امير البلاد حفظه الله (الكويت كمركز مالي عالمي) ولا مع المعايير والمقاييس الدولية، فالاقتصاد الكويتي محاصر بالقيود الحكومية التي خلقت النظام الاشتراكي، نظام جعل الحكومة هي المسيطرة على اهم واغلب المصادر الاقتصادية. وفيما يلي شرح مبسط عن اهم الموارد الاقتصادية وعلاقتها بالحكومة لكي تتضح خطورة الوضع الحالي ...

اول مورد اقتصادي هو الارض، فالأراضي مملوكة بالكامل للدولة، ونسبة العقار المملوك من قبل المستثمرين لا يتجاوز 10% ، هذا يعني بان نسبة المعروض في السوق اقل بكثير من نسبة الطلب، وبالتالي اسعار العقار سترتفع وهذا بالنهاية سيأثر سلبا على استقطاب الشركات ويرفع تكاليف الانتاج، بمعنى اخر الحكومة تساهم في خلق بيئة طاردة للاستثمار ...

العامل الاقتصادي الثاني هو العمالة، وتبدأ المشكلة من النظام التعليمي، لان له علاقة قوية بالمخرجات النهائية للقوى العاملة، فاذا كان التخطيط التعليمي غير متناسق مع احتياجات الاقتصاد (وهذا هو الحال في الكويت) وبعيدا عن الرؤيا المستقبلية ، ستكون المخرجات التعليمية غير مناسبة لسوق العمل، وبالتالي زيادة معدل البطالة، ولتفادي غضب الشارع الكويتي، تقوم الحكومة بمحاولات يائسة لتوظيف العمالة الغير مناسبة لاحتياجات الدولة في وزاراتها وهيئاتها الحكومية ... ويرجع الاثر النهائي على المجتمع لأنه سيحصل على خدمات عامة رديئة وذو جودة ضعيفة بسبب عدم كفاءة موظفين الحكومة وتشغليهم في مواقع لا تتناسب مع خبراتهم.

المورد الثالث هو الانفاق الاستثماري والذي يتلخص في انشاء بنية تحتية تستطيع ان تحمل المشاريع والخطط المستقبلية للدولة، مثل الجسور، المستشفيات، الاماكن الترفيهية، والنظم الإلكترونية ... هذا النوع من الانفاق يعتبر العامود الفقري لإقامة اي اقتصاد ناجح، فهو يعتبر المصدر الاساسي للإيرادات المستقبلية، كلما زاد الانفاق الاستثماري، كلما تحسنت بيئة العمل وبالتالي استقطاب استثمارات اجنبية و زيادة حركة رؤوس الاموال داخل الاقتصاد ...

العامل الرابع هو النظام البنكي، وهو قلب الجسد الاقتصادي، فهو الذي يضخ الاموال في جميع انحاء الدولة ومن غير التسهيلات النقدية لا يمكن ان يقوم اي استثمار، فالنظام البنكي في الكويت ضعيف جدا مختبأ وراء البنك المركزي، وقوانين البنك المركزي صحيح انها تعطي استقرار وضمان للنظام المالي، لكن في نفس الوقت قيدت السوق وخاصة الشركات والمشاريع الصغيره من التوسع ... قوانين مثل منع شراء المديونيات و 15 ضعف الراتب ومنع جدولة القروض جعلت التسهيلات المالية تضعف وتقلل من كمية النقود المعروضة في السوق وبالتالي تقليل فرص الاستثمار.

في المقالة القادمة سنتحدث كيف نجحت دبي في رحلتها التنموية، من خلال مقارنة بين هياكل الانتاج المحلي للكويت ودبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق