الجمعة، 12 يونيو 2015

استيراد العمالة الاجنبية سلبي ام ايجابي على الاقتصاد الكويتي (الجزء الاول ) !

قبل يومين اعلنت جريدة الرأي العام الكويتية عن رقم كبير جدا ترصد الصفحة الاولى  يتعلق بتحويل رؤوس الأموال من قبل الوافدين الى خارج الكويت ، وكان الرقم يعتبر اكبر من ميزانية الكويت السنوية ما يعادل 21 مليار دينار (70 مليار دولار تقريبا) خلال 4 سنوات السابقة اي ما يقارب 5 مليارات سنويا ... المبلغ الحقيقي يفوق هذا الرقم، لان ما تم نشرته هو فقط اجمالي المبالغ الرسمية المسجلة في انظمة الدولة، فهناك اموال تم تحويلها بشكل غير رسمي ولم تسجل قد تصل الى ضعف هذا المبلغ المذكور ... مثال على ذلك هو نقل النقود أثناء سفر الوافدين الى بلدانهم، وخاصة في الدول الفقيرة التي لا يوجد لديها سياسات تعمل على الحد من نقل الاموال بشكل مسيل او (كاش) ...
لكن التعليق ليس على ظاهرة تحويل الاموال الى الخارج او على حجم الرقم، فهي عوارض مشكلة وليست المشكلة بذاتها، هي دخان لنار أعظم ... التحويلات المالية هي ضريبة استيراد العمالة الاجنبية والموارد البشرية... تحويل رؤوس الاموال هي احد تداعيات المشكلة، بل هناك ظواهر سلبية اخرى تترك اثر كبير على الاقتصاد بشكل مباشر وغير مباشر مثل ارتفاع معدل البطالة وقلة الاستثمارات المحلية، ارتفاع التكلفة على الدولة، تردي مستوى الخدمات العامة، العنصرية، الجرائم، التكدس العمالي الاجنبي في القطاع الخاص تحجيم دور المواطنين ...
نعرض بعض الاحصائيات التي تتعلق بتوظيف واستيراد العمالة الاجنبية في هذه المقالة وفي المقالات القادمة نتحدث عن مميزاتها وعيوبها لكن بشكل سريع ومختصر نقول بان استيراد العمالة الاجنبية يؤدي الى زيادة العرض في اعداد الافراد الراغبين في العمل، بحيث يزيد من حدة المنافسة بين المواطنين والوافدين للحصول على وظائف مناسبة، ولان تكلفة الوافدين أقل من رواتب المواطنين الكويتيين، تقوم الشركات والمؤسسات الاهلية في تعيينهم، الجدول التالي يوضح التوزيع العددي للوافدين في القطاع الخاص:

اقسام المهنة الرئيسية
العدد
النسبة
المشتغلون بالمهن العلمية والفنية
154006
11.03%
المدراء
41414
2.97%
المشتغلون بالأعمال الكتابية
92236
6.60%
المشتغلون بأعمال البيع
151682
10.86%
المشتغلون بمهن الخدمات
167248
11.98%
المشتغلون بمهن الزراعة والصيد
61671
4.42%
عمال الإنتاج وسائل النقل والعمال العاديـون
728170
52.14%

العدد الاجمالي للوافدين في القطاع الخاص هو تقريبا 1.4 مليون شخص يعني تقريبا 40% من سكان دولة الكويت يعملون في القطاع الخاص فقط ( اجمالي الوافدين في الدولة الموظفين والغير موظفين 2.5 مليون تقريبا 70% من عدد السكان  واذا ما اردنا مقارنة نسبة المواطنين الكويتيين في القطاع  الخاص مع عدد الوافدين سنرى بان الكويتيين يمثلون اقل من نصف في المئة (0.05%)، اي حوالي 60 الف شخص كويتي فقط يعمل في القطاع الخاص مقارنة ب 1.4 مليون وافد ... لكن في القطاع الحكومي ترى النسبة اقل بحيث 30% من الوافدين و70% من الكويتيين يعملون في المؤسسات الحكومية، وهذه نتيجة سياسيات التكويت التي قامت بها الحكومة الكويتية في السنين الاخيرة ...
لكن هل هذه الارقام مؤشرات جيدة ام لا ؟ اجاوب على هذا السؤال في المقالة القادمة انشاء الله ... 

الاثنين، 8 يونيو 2015

هل قضية اليونان هي بداية نهاية اليورو ؟ 8 يونيو 2015

الجميع يتحدث الان عن حالة اليونان الاقتصادية والخوف بانها الشرارة التي ستفجر منطقة اليورو وتسبب بانهيار الاتحاد الاوروبي، لكن في نظري اعتقد بان هذا السيناريو بعيد عن الواقع ...

قضية اليونان لها أبعاد كثيرة، احاول في هذه المقالة ان اسلط الضوء بشكل سريع على اهم القضايا واستعين بدولة (التانجو) الأرجنتين كمثال اقتصادي اقارنه في حالة اليونان الحالية لنعرض حالات التشابه والاختلاف محاولين ان نتوقع الاحداث القادمة ...
السبب الرئيسي في الجدال الحالي عن اليونان هو عدم قدرتها على سداد الديون المستحقة للدائنين مثل المانيا والاتحاد الاوروبي ... بدأت رحلة الانقاذ في عام 2009 عندما طلبت اليونان مساعدات مالية من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي لتجنب الافلاس والتخلف عن سداد الديون، وتم طرح حليين: الاول هو خروج اليونان من الاتحاد الاوروبي او تقديم مساعدات واقراض مكثف بشرط ان تقوم الحكومة اليونانية بتطبيق سياسات التقشف وتقليل الانفاق ورفع الضرائب لمعالجة الديون. وكان القرار النهائي هو الاقراض تجنبا لحدوث مشاكل اكبر قد تصل الى انهيار الاتحاد الاوروبي ...

لكن بعد 6 سنين من المساعدات لم تستطع اليونان من تحسين حالة الديون واصبحت نسبة الديون الى الناتج المحلي الاجمالي تزيد عن 175% وهي نسبة ضخمة جدا اذا ما قورنت بالدول الاخرى، فالصندوق النقد الدولي حدد النسبة المثالية للدول المتقدمة ب 60% كحد أعلى و 40% للدول النامية، تم تخفيض تصنيف اليونان من دولة متقدمة الى نامية بعد الازمة المالية العالمية عام 2008 مما يعني ان نسبة ديونها تفوق المعدل الطبيعي بأكثر من 3 أضعاف ... الرسم البياني التالي مقارنة بين اليونان وايطاليا والمانيا كنوع من التقدير واعطاء صورة اوضح عن وضعها الاقتصادي



المصدر: EuroState

بعد القاء نظرة سريعة عن مشكلة اليونان، لنجيب عن اول سؤال يتعلق في هذه القضية وهو هل خروج اليونان من الاتحاد الاوروبي هو بداية انهيار عملة اليورو ؟

في اعتقادي الشخصي لا اعتقد ذلك، لان ما سيحدث لليونان بعد خروجها من الاتحاد الاوروبي وما ستتعرض له من ازمات مالية وسياسية قاسية سيجعلها درس لباقي الدول الأوروبية التي تحذوا حذوها وستجعلهم يعيدوا النظر في نواياهم ... التنازل عن اليورو كعملة دولية والغائها من المعادلات التجارية سيجعل العالم أسير للولايات المتحدة الامريكية ويزيد من قوتها وسطوتها على الدول الكبرى، غياب اليورو سيزيد الاعتماد العالمي على الدولار الامريكي وهذه تعتبر ميزة تنافسية لأمريكا وتزيد من ملائتها المالية بحيث تستطيع ان تزيد من ديونها السيادية دون تخوف من الافلاس ... وهذا الشيء لا يرضى الدول الاوروبية المتقدمة مثل فرنسا والمانيا والصين وروسيا ... 


السؤال الثاني هو ماهي الاثار السلبية على الاقتصاد اليوناني في انفصالها عن الاتحاد الاوروبي ؟
الجواب على هذا السؤال يكون بدراسة امثلة التاريخية السابقة مثل الارجنتين، فالأرجنتين قد مرت في ازمة مشابهة في عام 2001م تركت اثر سلبي كبير على اقتصادها، بحيث انخفض الناتج المحلي وارتفعت معدلات التضخم وزادت نسبة البطالة لتصل الى 50%، أصبح اكثر من 50% من المقيمين يعيشون تحت خط الفقر ... لم تستطع الارجنتين ان تدفع ديونها مما دفع المستثمرين الى سحب رؤوس الاموال من الاقتصاد، بدأ الناس بسحب اموالها وفي غضون ساعات أصحبت البنوك فارغة من النقود، وفقدت الارجنتين الثقة في سوف الديون ولم تجد احدا يرغب في اقراضها مما جعل معدلات الفائدة ترتفع بشكل كبير لاستقطاب المستثمرين ...

بل حتى عملتها بدأت تتدهور وتضعف بصورة جوهرية امام الدولار الامريكي، مما ادى الى العجز في سداد الديون المحلية ايضا، بل حتى المواطنين أصبحوا فقراء خلال ساعات بحيث لا يستطيعون سداد ديونهم في العملات الاجنبية ... لكن في نفس الوقت الانخفاض في العملة ساعد الصادرات الارجنتينية وخاصة الزراعة في الازدياد وأصبحت لها ميزة سعرية تنافسية بحيث ساعدت الدولة في تحسين حالة الاقتصاد ولو كانت على الامد الطويل ...

اليونان تمر بنفس حالة الارجنتين لكن بوجود بعض الاختلافات وهي ان لديها من يساندها ويقرضها بعكس الارجنتين التي جبرت ان تدخل في مرحلة الكساد بعد رفض صندوق النقد الدولي مساعدتها، والاختلاف الثاني هو عدم وجود عملة لليونان بعكس الارجنتين ... فاليونان تعتمد على اليورو وخروجها من الاتحاد الاوروبي يعني عودتها الى "الدراخما"، وهذا هو احد الاسباب التي ستعجل من انهيار النظام المالي ... وحتى بعد عودتها ستحتاج الى وقت لطباعة النقود وتوفيرها في البنوك، وحتى اذا ارادت ان تستخدم انخفاض العملة كسلاح لتحفيز صادراتها، فقد لا تتمكن من ذلك لأنها دولة غير مصدرة فاقتصادها يعتمد على السياحة والنقل البحري اكثر من انتاج البضائع والتصدير ... اليوم التي ستقرر اليونان فيها ان تخرج من الاتحاد الاوروبي سيحصل التالي:
1.       سيفزع الناس ويتوجهون الى البنوك وستكون هناك ازمة سيولة وتفرغ البنوك من المال خلال ساعات
2.       سيتم سحب جميع الودائع الاجنبية من البنوك، او ستقوم الحكومة بتحويلها الى الدراخما، بمعنى اخر ان الحكومة ستقوم بمصادرة الاموال لكن بطريقة غير مباشرة تاركة اثر سلبي على ثروات المستثمرين
3.       توقف البنك المركزي الاوروبي عند مساعدة البنوك اليونانية
4.       سيتحول اكثر من 70% من المواطنين الى فقراء خلال ساعات
5.       ستخسر اليونان ثقة المستثمرين والدائنين ما يضغط على اسعار السندات اليونانية للارتفاع لاستقطابهم وبالتالي ستنخفض اسعار السندات حتى تصل ارقام قريبة من الصفر

الخميس، 4 يونيو 2015

جيمس بوند الكويت وشركة أبل ...

احد الزملاء البطالية الذي دائما يحسسك بان هناك مؤامرة عظيمة وانه مستهدف من سي أي ايه CIA و اف بي أي FBI، يقول بان الولايات المتحدة الامريكية لا تستطيع ان تعيش من غير نفط الخليج وان اقتصادها هش بحيث أي عملية تخويف من قبل دول الخليج في قطع النفط عنهم سيهدم الاقتصاد الأمريكي ويجعلة " طحين " ... بس ما يندرى هل هو طحين اسمر ولا ابيض ؟!
نقول حق اخونا جيمس بوند لننظر الى الموضوع بشكل عقلائي ونضع الدول الخليجية في كف وشركة من شركات الولايات المتحدة الامريكية في كف الاخر ... وأقول شركة ولا أقول دولة، لان باعتقادي الشخصي ان شركة من الشركات الامريكية كفيلة بصرع اقتصاديات دول الخليج من ناحية الاستقرار والتطور التكنلوجي والنمو الاقتصادي والأداء المالي ...
شركة "أبل" وهي قصة من قصص النجاح الأمريكي، شركة غيرت مسار العالم ووضعت الإنسانية على خط تنمية جديد وقلبت موازين الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فهي التي عززت موقف التكنلوجيا في السنوات الأخيرة وخلقت أسواق جديدة في العالم وضاعفت نسبة الإنتاج العالمي وقللت من معدلات البطالة، ففي الصين فقط خلقت ما يقارب 3 ملايين وظيفة، ونصف هذا العدد ينتج ما يقارب 3.4 مليار دولار سنويا من السوق الالكتروني لبرامج ابل ما يطلق عليه " أبل ستور"
لتقريب القارئ من النتيجة النهائية التي اريد ان اوصلها، اعرض الرسم البياني التالي وهو مقارنة بين الميزانيات السنوية لبعض دول الخليج والعراق وارباح شركة أبل لسنة 2014


نلاحظ بان ارباح شركة ابل تساوي 3 اضعاف ميزانية دولة الكويت وقريبة من ميزانية العراق والسعودية بل المتوقع بانها ستصل الى 220 مليار دولار في نهاية 2015 ...
اذا كانت شركة واحدة فقط من شركات أبل خلقت وظائف في دولة واحدة فقط بعدد يفوق سكان دولة الكويت، وارباحها السنوية تفوق ميزانية الدولة بثلاثة اضعاف، كيف يمكن اخونا جيمس بوند ان يحاجج الناس بمثل هذه التفاهات ؟
شركة أبل لم تقف عند التجارة التقليدية التي تسعى وراء الأرباح فقط، بل تعدت هذه الخطوط لهدف اسمى من ذلك بحيث تهدف الى تشغيل جميع افرعها وعمليات الإنتاج على الطاقة المتجددة، وهي في المرحلة الأخيرة من تحقيق الهدف، فهي حاليا تعمل بطاقة متجددة بالكامل في الولايات المتحدة الامريكية وتقوم بإنشاء محطات للطاقة الشمسية في الصين والتي تستطيع ان تضيئ ما يقارب 61 الف وحدة سكنية ... وهذا النوع من الاجازات لم يأتي من فراغ، جاء بسبب البحوث والتطوير التي تحدد لها ميزانية لا تقل عن 4 مليارات سنويا، والرسم البياني التالي يوضح نسبة الانفاق على التطوير


لكن السؤال كم هي نسبة الانفاق الحكومي في دول الخليج على التطوير العلمي والبحوث ؟ ما تقوم به الولايات المتحدة الامريكية ليس مستحيلا، وهناك من الدول الصغيرة التي تبنت هذا النوع من التفكير وأصبحت أفضل من الولايات المتحدة الامريكية في مؤشراتها الاقتصادية اذا اخذنا في عين الاعتبار الاختلاف في حجم الاقتصاد ، وافضل مثال هي دولة سنغافورة، بحيث بدأت الدول الأوروبية وامريكا بإرسال طلبتهم الى سنغافورا لطلب العلم والاستفادة من تجاربهم ...
لكن اكتفي بهذا القدر ولا اريد ان اتحدث عن سياسات الشركة في تطوير الموارد البشرية وطريقة إدارة الأصول حتى لا يزعل علينا اخونا جيمس بوند ...

الخميس، 21 مايو 2015

طريقة عمل الفكر الاقتصادي

الفكر الاقتصادي هو فكر تحليلي يفسر الظواهر الاجتماعية سواء كانت مادية، سلوكية، حياتية ... هو فكر تسويقي ايضا بحيث يستطيع ان يتلمس حاجات الافراد وطريقة تفاعلهم مع السلع والخدمات ... وهو ايضا فكر احصائي ينظر الى الاحداث والظواهر الاجتماعية بطريقة حسابية بحيث يترجمها الى بيانات يمكن معالجتها بالمعادلات الرياضية ...

حامل الفكر الاقتصادي كالرحال الباحث عن ضالته وعن ارضه، فهو يبحث عن حاجته، ينتقل من منطقة الى منطقة محاولا اكتشاف مناطق جديده ومعلومات جديده ... لكن الرحال لا يبدأ رحلته الا ومعه البوصلة التي ستساعده على اختيار الوجه ... بوصلة الاقتصادي هي كلمة "لماذا؟" وهي قلب الفكر الاقتصادي، كلمة تربط جميع ما سبق وتجمع هذه العلوم وتوظفها للحصول على نتيجة وتفسير، السؤال هو نصف الاجابة اذا طرح في الوقت والمكان الصحيح، سؤال لماذا هي البوصلة التي توجه مجهود البحث العملي في تفسير الظواهر وتحدد وجهة التحليل ، فهي اداة الاقتصاديين لأنشاء النموذج الاقتصادي لتفسير العلاقة بين المتغيرات التي خلقت الظاهرة الاجتماعية ...  والنموذج الاقتصادي هي الخريطة التي من خلالها يستطيع المحلل ان يجد ضالته ... فعلى سبيل المثال:

 لماذا تضع الحلويات والشكولاتة دائما قريبة من امين الصندوق في السوبر ماركت، وايضا تكون في الرف متدني ؟ لماذا لا تكون في اخر المعرض؟ سؤال يحاول ان يجيب عن ظاهرة موجود في الجمعيات التعاونية، فتبدأ بعدها رحلة البحث عن المتغيرات التي تساعد الاقتصادي للوصول الى بر الامان .

الخريطة الاقتصادية مثل خريطة المنطقة، تستخدمها للانتقال من المنطقة "أ" الى المنطقة "ب"، هناك اكثر من طريقة للانتقال، اذا اردت ان تنتقل عن طريق الدراجة الهوائية، ستحتاج الى خريطة تحتوي على طريق المشاة والمطعم والحدائق ويمكن ايضا السوبر ماركت لشراء بعض الاكل او الماء اثناء السير، وكلما كنت المعطيات التي بالخريطة لها علاقة بوسيلة الانتقال كانت افضل، فانت مثلا لا تحتاج الى معرفة طرق القطار او محطات البنزين لأنها لن تضيف الى مشروعك شيء، لكن اذا اردت السفر او الانتقال عن طريق السيارة، ستحتاج الى معطيات اخرى مثل محاطات البنزين والطرق الرئيسية، ولا تحتاج الى طريق المشاة ، وكذلك ايضا اذا اردت السفر عن طريق القطار، لا تحتاج ان تعرف اماكن الإشارة ومحطات البانزين ، لان اذا كانت الخرطة تحتوي على جميع المعلومات ستكون مزحومة بالمعلومات ومعقده وقد تضيع اثناء رحلتك وبدل ان تساعدك قد تسبب لك المشاكل. فالمعطيات والمتغيرات تكون على حسب سؤالك وحاجتك ...

ملخص الكلام بان الاقتصاد هو علم تحليلي يرى الامور بطريقة تترجم الواقع الى بيانات يمكن معالجتها، علم يبدأ بالأسئلة ثم يبني النموذج الاقتصادي عن طريق اختيار بعض المتغيرات ثم يقوم بعمليات حسابية وينتهي بتفسير.  

الاثنين، 6 أبريل 2015

الخطوط العامة لانشاء مشروعك الخاص


المشاريع تملأ حياتنا اليومية سواء كانت على الصعيد العملي او الحياتي، فكل مبادرة تولد منتج او خدمة فريده يعتبر مشروع، فشراء سيارة هو مشروع حياتي بدأ بفكرة وانتهى بمنتج، و السفر الى دولة معينة هو ايضا مشروع بدء بفكرة مغامرة وانتهى برضاء نفسي ، والذهاب الى مطعم او سينما ايضا يندرج تحت اسم مشروع ... اي مبادرة لها ميزانية معينة، واطار زمني معين، وهدف معين يمكن ان يطلق عليه مشروع ... وكذلك بالنسبة الى الشركات او الحكومات، تقوم الشركات بتبني منهج المشاريع لتحقيق اهدافها السنوية مثل زيادة ارباح الشركة بمقدار 10% او تبني نظام تكنلوجي معين لهدف تقليل التكاليف او زيادة الكفاءة، فالمشاريع هي القناة التي من خلالها تحول الاهداف المكتوبة على الورق الى واقع له اثر على الارباح والتكاليف ... لكن كل مشروع له خصائصه، قد يكون مشروع شخصي سريع لا يحتاج الى اطار زمني طويل لكن يحتاج الى ميزانية ضخمه مثل مشروع شراء سيارة فاخرة لاحد الافراد ذو الدخل المتدني، او مشروع دولي ضخم يضم اكثر من دولة يهدف الى تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي العالمي ...
وهناك فرق بين ادارة المشاريع والادارة التشغيلية، المشروع هو مبادرة لها بداية ولها نهاية ولها ميزانية معينة لإنتاج سلعة او خدمه فريده، بعكس العمل التشغيلي، فهو عمل روتيني يومي او اسبوعي وشهري ليس لديه نهاية، يتم تكراره بشكل دوري ... لذلك طريقة ادارة المشروع تختلف عن ادارة الاعمال التشغيلية من ناحية الميزانية او التخطيط وادارة التحديات والموارد البشرية ...
اول خطوة لأنشاء اي مشروع هو الحصول على فكرة " ولادة الفكرة"،  وهي البذرة الاولى للمشروع، وهذه المرحلة قد تكون صعبة جدا  اذا كان البحث عن شيء غير موجود او لم يتم تطبيقه من قبل، الفكرة تحتاج الى ابداع ذهني مثل خلق علاج لمرض معين او تكنلوجيا حديثة او صنع الة معينة، و قد تكون سهلة بحيث تكون الفكرة مستوحاه من الواقع ومطبقه من قبل افراد او شركات واخذت حاصلها في السوق من حيث النتائج والوسائل والطرق التنفيذية مثل انشاء مطعم تقليدي ... في جميع الاحوال الفكرة هي اساس المشروع، وهي اللبنة الاولى التي تقف عليها جميع الخطوات القادمة. من اهم عوامل النجاح في هذه المرحلة هي تدوين الافكار "العصف الذهني"، كتابة الافكار على الورق لها اثر كبير جدا، قد تكون الفكرة جيده في عقل الانسان، لكن بمجرد كتابتها على الورق تتضح بانها ناقصة او غير مجدية او العكس صحيح، قد تكون الفكرة مبدئيا سيئة وان العقل لا يتقبلها، لكن بمجرد كتابتها تتولد افكار ثانوية تدعم الفكرة الرئيسية لتكون عنوان مشروع ناجح ... لذلك يجب تدوين جميع الافكار سواء كانت صورتها المبدئية جيده او سيئة ...
الخطوة الثانية هي دراسة جدية الفكرة وامكانية تطبيقها سواء كانت الدراسة من الناحية المالية او من الناحية التنفيذية، فقد تكون الفكرة جميلة جدا وفعالة لكن الموارد المالية المتوفرة لدى الفرد او شركة لا تغطي تكاليف انشائها، او قد تكون السيولة متوفرة لكن المردود المالي المرجو من المشروع بعد انشائه ليس جذاب بحيث تكون نسبة المردود السنوي ضئيلة جدا اذا ما قورنت بفرصة تجارية اخرى او مشروع اخر ... اما بالنسبة للناحية التنفيذية، يجب دراسة امكانية تطبيق هذه الفكرة على ارض الواقع، قد تكون فكرة طيران الانسان بارتداء حذاء يحتوي على جهاز دفع فكرة جميلة، لكن تطبيقها باستخدام التكنلوجيا الحالية غير ممكن، او فكرة اخرى كإنشاء مشروع لبيع سيارات كلاسيكية للسيارات فاخرة لكن القوانين الحكومية تمنع بيع او استيراد سيارات القديمة ... لذلك اختبار الفكرة او دراسة الجدوى هو عباره عن اداة لتقليل التكاليف وتجنب مخاطر الخسائر من خلال فحص جدوائية المشروع قبل البدء بالتنفيذ. سنتحدث في المقالات القادمة عن كيفية القيام بدراسة الجدوى للمشاريع التجارية.
الخطوة الثالثة هو التخطيط، وهو سر النجاح، كلما كان التخطيط دقيق وسليم، كلما زادت فرصة نجاح المشروع، عملية التخطيط عملية شاملة لكل نواحي المشروع بحيث تحدد احتياجات المشروع وعمليات الاتصال، وكيفية ادارة الموارد البشرية، كيفية التعامل مع الشركات والموردين ونوع العقود، وحجم الميزانية والاطار الزمني للمشروع، ومستوى الجوده المطلوبة ... مرحلة التخطيط تهدف الى انشاء معيار تقيس به مدى نجاحك في الادارة خلال تنفيذك للمشروع وتضع المقاييس التي من خلالها تستطيع ان تحدد ما اذا كان المشروع قد حقق النتيجة المرجوة ام ابتعد عن المسار الصحيح وانتهى بالفشل ...
المرحلة الرابعة هي مرحلة التنفيذ، وهي عبارة عن تطبيق الخطة التي تم تصميمها في المرحلة السابقة وتوزيع المهام على اعضاء الفريق واستخدام الموارد في انتاج المنافع المطلوبة ...

المرحلة الخامسة هي مرحلة المتابعة والمراقبة، وهي مرحلة تمثل مقود المركبة، بحيث توجه المشروع الى الطريق الصحيح في حالة الانحراف، وتعطي الحلول المناسبة في حالة مواجهة صعوبات في مرحلة التنفيذ، فهي تسلط الضوء وتراقب كفاءة العاملين وكفاءة الخطة، ومدى التزام النفذين بالخطة ومعايير النجاح ... فهي المسطرة التي من خلالها يقاس الاداء الحالي وتوقع المستقبل من حيث التكاليف والمدة الزمنية

المرحلة الاخيرة هي مرحلة انهاء المشروع والتي تشمل على انهاء العقود والحصول على الموافقات الرسمية وتدوين الملاحظات المهمة التي تم تعرف عليها خلال المشروع، وتعتبر هذه الملاحظات من اهم عوامل النجاح لدى الشركات بحيث تستخدمها لتجنب الاخطاء في المشاريع المستقبلية ...

ستة خطوات تلخص حياة المشروع وترسم الخطوط العامة لأي مشروع  سواء كان مشروع تجاري او حياتي، كبير او صغير، لكن نسبة الرسمية في كل خطوة تختلف بحسب نوع المشروع واهميته ...  في المقالات القادمة سنتطرق الى الخطوات التفصيلية لكل مرحلة ونشرح كيفية تطبيقها بشكل سريع وفعال يناسب اصحاب المشاريع والشركات الصغيرة ...

الاثنين، 30 مارس 2015

لماذا لا يطبع البنك المركزي نقود اضافية لتسديد ديون المواطنين ؟

لماذا لا تقوم الحكومة بطباعة اموال اضافية وتوزيعها على المواطنين والمقيمين ؟ سؤال طرحه احد الاخوان كحل لمسألة الفقر والقضاء على الديون المواطنين والمقيمين ...
صحيح الحكومة (او النبك المركزي بالتحديد) تستطيع ان تطبع الكمية التي تريدها من النقود دون محاسبة، فهي المعنية بالأمر ولها كامل الصلاحيات، لكن مثل هذا النوع من الحلول قد يكلف الدولة الكثير وقد يصل الى انهيار الدولة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا...  في هذه المقالة احاول ان اشرح الاثار السلبية الناتجة عن طباعة النقود بدون مراعاة الظروف الاقتصادية وخطورة استخدامها كأداة لدفع الديون السيادية او اعطائها للأفراد بلا مقابل او الية تحكم العملية.  
النقود مثل اي سلعة اخرى تطبق عليها قوانين الاقتصاد الاساسية وقواعد الطلب والعرض، بمعنى ان اسعار السلع والخدمات تحدد عن طريق الية العرض والطلب، فكلما زاد العرض لسلعة معينة (بفرض ان الطلب ثابت) سيقل سعر السلعة لان الكمية الموجودة في السوق زائدة عن الحاجة وتغطي طلبات الافراد (هناك فائض اكثر من الحاجة)، مما يدفع المنتجين الى تقليل اسعار منتجاتهم كاستراتيجية للتسويق وطريقة لتحفيز للأفراد لشراء كميات اكبر. والعكس ايضا صحيح، كلما قل العرض لسلعة معينة، سيرتفع سعرها لان الكمية المعروضة قليلة لا تلبي احتياجات الافراد، لذلك يدفع الافراد الراغبين بهذه السعلة ان يدفعوا مبالغ اكبر من السعر التوازني للحصول على السلع قبل نفاذ الكمية.  
نفس المفهوم يطبق على النقود، اذا كانت كمية النقود المطبوعة (العرض) اكبر واسرع من النمو الاقتصادي الطبيعي الذي تحققه الدولة، سيقود ذلك الى توفر سيولة اكثر من المعتاد في متناول الافراد، وهذه السيولة ستدفع بالمستهلكين لشراء كميات اكبر من البضاعة والخدمات، وبالتالي الطلب الكلي على البضاعة سيرتفع، مما يشجع المنتجين برفع اسعار سلعهم لتناسب نسبة الزيادة في الطلب. على سبيل المثال: فقط لتبسيط الموضوع سنفترض بان الاقتصاد يحتوي فقط على سلعة واحده وهي "التفاح" ،  والكمية المعروضة هي 100 تفاحة، والنقود المتوفرة في السوق (لدى الافراد او المجتمع) هي 100 دينار، اذا قامت الدولة بإعطاء منحة واعانة (طباعة نقود اضافية)  بقيمة 100 دينار للأفراد، ستكون المحصلة النهائية للنقود هو 200 دينار امام 100 تفاحة فقط، يعني في السابق كانت التفاحة الواحدة تساوي 1 دينار، لكن بعد الزيادة اصبحت 2 دينار يعني تضاعفت الاسعار !!
ما اريد ان اوضحه في الفقرة السابقة بان طباعة النقود من غير وجود نمو فعلي في الاقتصاد سيسبب تضخم في الاسعار (Hyper Inflation) مثل ما حصل في المانيا عام 1920، لان كمية النقود ستكون اكبر من الانتاج المحلي (السلع والخدمات) مما سيدفع المنتجين الى رفع اسعارهم حتى تتناسب مع قوة الطلب وتوفر السيولة. في نهاية الامر ستتحول هذه الوفرة المالية الى نقمة على الافراد لان القوة الشرائية للعملة ستقل، بحيث كانت 100 دينار تلبي 100 تفاحة، لكن بعد طباعة النقود اصحبت 100 دينار تشتري 50 تفاحة فقط (لان سعر التفاحة اصبح 2 دينار).
هذا على مستوى السلع المحلية والمقيمين داخل الدولة، لكن هناك اثار سلبية ايضا على مستوى الاستثمار ايضا، فالتضخم بهذا الشكل سيدفع المستثمرين الى سحب رؤوس الاموال  واستثمارها خارج الدولة، في مناطق تكون فيها العملة اكثر استقرار، لان ارتفاع الاسعار لا يأثر فقط على السلع النهائية، بل حتى على الاسواق المالية (السندات والاسهم)، فاذا قام احد المستثمرين بشراء سندات كنوع من الاستثمار للاستفادة من الفوائد السنوية التي تعطيها الشركات لحامليها، ارتفاع الاسعار والتضخم السريع سيجعل سعر الفائدة يهوي الى مستويات متدنية وبالتالي يقلل من قيمة الفائدة المرجوة ، مما يدفعهم للبحث عن سندات مالية اكثر جاذبية ومعدلات فائدة اكبر ...
وهذا النوع من العزوف من قبل المستثمرين الاجانب سيترك اثر ايضا على سعر صرف العملة المحلية، بحيث سيقل الطلب العالمي على العملة المحلية وسيقوم المستثمرين ببيع العملية المحلية وتحويلها الى عملات اجنبية اخرى لشراء سندات في دول اخرى تفاديا للخسائر ، مما يجعل سوق صرف العملات مغمور بالعملة المحلية، وبالتالي ستقل قيمة العملة امام العملات الاخرى ... وهذا سيجعل البنك المركزي امام خيارين: اما شراء الفائض المعروض من العملة المحلية عن طريق التخلي عن احتياطاته من العملات الاجنبية، او يترك قيمة العملة تهبط وتنهار ...
ولن تنتهي القضية بترك العملة تنهار ، لان انهيار العملة سيزيد من حدة التضخم ويجعل الاقتصاد يستورد تضخم اخر من الخارج، بحيث اي بضاعة خارجية يتم استيرادها سيرتفع سعرها لان ما ستوفره العملة حاليا (القيمة الحالية بعد انهيار العملة) اقل بكثير من السابق، فاذا كان استيراد " سيارة" يكلف 1000 دينار، سيضطر الفرد ان يدفع 2000 دينار لتعويض النقص في سعر الصرف.
لكن هل يعني ان طباعة النقود سيئة في جميع الاحوال؟ لا هناك بعض الحالات الاقتصادية التي تضطر الحكومة لطباعة اموال اضافية وضخها في الاسواق المالية حتى في حالة غياب نمو حقيقي في الاقتصاد، واكثر التطبيقات تكون في حالات الركود الصعبة ويطلق على عملية طباعة الاموال في هذه الحالة بالتيسير الكمي (Quantitative Easing )، يقوم البنك المركزي بضخ النقود كعملية تحفيز للاقتصاد، بحيث يجعل الوفرة المالية في البنوك حافز الى اقراض المستثمرين والمستهلكين، بدل من الاحتفاظ بها في الحسابات. لان في حالات الركود، تميل البنوك الى الاحتفاظ بالنقود ووضعها كودائع للاستفادة من اسعار الفائدة، بدل من المخاطرة بها في ظروف اقتصادية صعبة، لذلك تقوم الحكومة بتقليل سعر الفائدة عن طريق ضخ اموال اضافية في السوق بحيث تجعل عملية الاقراض اكثر جاذبية واعلى ربحا من الودائع.
وتلجأ الحكومة الى هذا النوع من الحلول بسبب خطورة استمرار الركود الاقتصادي، فهو يعتبر اخطر من طباعة النقود والتضخم، لذلك تقوم الحكومة بالتضحية وتقبل مخاطر التضخم مقابل حل مشكلة الركود، وهنا تدخل الحكومة في تحدي اخر في كيفية سحب الفائض النقدي التي ضخته بعد تعافي الاقتصاد.  
الخلاصة بان الاقتصاد معقد وان سياسات الحكومة وقرارتها لها اثار مختلفة على كافة الاصعدة، قد تكون سياسة معينة تحل مشكلة، لكن في نفس الوقت تخلق مشكلة اخرى، لذلك على صاحب القرار ان يدرس دواعي القرارات بشكل شامل وان يكون هناك معايير للقياس توضح التغيرات بالوقت المناسب .

الأربعاء، 25 مارس 2015

لماذا نحتاج الى البنوك ؟

البنك كالقلب في جسم الانسان، من غير البنك لا يتوزع الدم في الجسد الاقتصادي، وهو المحور الاساسي لجميع العمليات المالية التي تحدث داخل وخارج الدولة.
النظام الاقتصادي مبني على القطاع البنكي، بحيث لا يمكن ان تقوم اي عملية مالية او مبادرات استثمارية الا وكان البنك شريك في العملية، فالبنك هو الممول الاساسي للشركات والمستثمرين والذي يساندهم في مشاريعهم وخططهم المستقبلية، و يساعدهم على دفع اجور موظفيهم عن طريق تقديم خدمات مصرفية مختلفة، و وهو ايضا الذي يستثمر نقودهم في صناديق الاستثمار و يضمن لهم ملائتهم المالية امام الموردين وينقل اموالهم خارج الدولة ويسهل عمليات البيع والشراء ....  بل حتى اذا نظرنا الى حياتنا اليومية، سنرى بان البنك يحاصر الفرد من جميع الجهات ... اذا توقف البنك عن العمل تتوقف الحياة بالكامل على جميع الاصعدة، فالبنك هو الذي يوفر النقود (الكاش) لشراء البضائع والسلع، ويوفر ايضا القروض لشراء سيارة او منزل، وهو الذي يحفظ النقود في اماكن امنة بعيدا عن السرقة، و يعطي الفرد معلومات عن عملياته المالية الخاصة ووضعه المادي لتقديمها الى الجهات الحكومية والاهلية الاخرى لأنهاء معاملاته ...
اهمية البنك تأتي من الدور الحيوي الذي يلعبه كحلقة وصل بين الوحدات الاقتصادية (الافراد والشركات)، فالبنك يعمل كوسيط يربط الناس التي لديها فائض مالي او ليس لديها الخبرة الكافية في استثمارها، مع الشريحة التي لديها الخبرة لكن تنقصها الموارد المالية، فيخلق نوع من الموازنة في الموارد ويقوم بتوزيع السيولة بطريقة ترفع من كفاءة المجتمع عن طريق توظيف الموارد المادية بشكل افضل وبالتالي رفع الانتاج والتطور ...
فاذا افترضنا بان الاقتصاد خالي من النظام البنكي وان البنك غير موجود ليقوم بعملية توزيع النقود، اول اثر سلبي هو تركز الاموال في في جهة معينة فقط، فتكون الفئة الاولى لديها وفرة مالية وفائض لكن ليس لديها خبرة في الاستثمار ولا الاستعداد لإنشاء مشروع، والفئة الثانية تملك الخبرة والاستعداد لكن فاقدة للسيولة، ستكون النتيجة سلبية على الطرفين بحيث لا يستفيد الاول من النقود وستكون اصوله مجمده خوفا من المخاطرة، ولا الفئة الثانية ستستطيع ان تحسن من حالتها المادية او الاجتماعية لعدم وجود احد يقرضها ...
وحتى اذا كان النظام البنكي موجود لكنه يتصف بالهشاشة وتحت رقابة بنك مركزي ضعيف، سيكون الاقتصاد معرض الى مخاطر كبيره واي مشكلة قد تدخل الدولة في كساد اقتصادي يستمر لسنين، فعلى سبيل المثال قلة السيولة في الاقتصاد قد تنتج بسبب تردد البنوك من اقراض المستثمرين، وذلك كرد فعل لأحداث سياسية تتعرض لها الدولة، هذا النوع من التردد سيدفع البنوك الى تقليل عمليات الاقراض والتوقف عن الاستثمار لفترة حتى تتحسن الاحوال، وخلال هذه الفترة ستقل السيولة في الاقتصاد وسيتوقف ضخ الدم في الهيكل الاقتصادي مما سيرهق الشركات والمصانع و يبطء من الحركة وعجلة التنمية وستضطر الشركات الى اغلاق مصانعها وانهاء عقود الموظفين لتقليل التكاليف ...
لهذا السبب تهتم الدول بالمؤسسات المالية وتنشأ مراكز اقتصادية وبنك مركزي، ويراقبون الاحداث العالمية وأثرها على الاقتصاد والنظام البنكي، ليس فقط على صعيد الافراد والشركات، بل حتى على الصعيد السياسي ايضا، فقد يكون انهيار بنك واحد سبب في انهيار دولة بجميع انظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما حدث في الكساد الاقتصادي العظيم عام 1930 والتضخم العالي في المانيا 1920 وانفصال الاتحاد السوفيتي، وقد يكون سلوك مجموعة افراد سبب اخر ايضا لعدم الاستقرار مثل ما حصل في الازمة المالية الأخيرة سنة 2007 عندما عجز الافراد المقترضين عن سداد القروض الاسكانية والذي ادى الى افلاس ثاني اكبر بنك استثماري في امريكا (Bear Stearns and Lehman Brothers  ) ودخول العالم كلة في ركود اقتصادي ...
لذلك كلما كان النظام البنكي مستقر وذو كفاءة عالية، كان هناك استقرار سياسي واجتماعي، وتكون عمليات نقل وتوزيع الاموال بين مكونات الاقتصاد مستقرة والاستثمارات والحركة الاقتصادية سلسلة.
في المقالة القادمة سنشرح كيف تستطيع الدول معالجة المشاكل الاقتصادية التي يتعرض لها النظام البنكي وماهي الادوات التي تستخدمها في التحكم بالاقتصاد ...

الاثنين، 23 مارس 2015

ما هو التقييم الحقيقي للبنية التحتية لتكنلوجيا المعلومات لدولة الكويت ؟

ابدأ مقالتي بطرح سؤال " ما هو تقييم البنية التحتية لتكنلوجيا المعلومات لدولة الكويت ؟"  السؤال نصف الجواب وهذا النوع من الاسئلة يعتبر نصف الخطة الاستراتيجية التي تتعلق بالتطور المعلوماتي والتكنلوجي، لان من خلالها تستطيع ان تحدد المعايير التي تقيس بها اداء الحكومة ومدى جديتها في تطبيق المشاريع.
في رأيي الشخصي هو "صفر"، قد يعترض البعض على تقييمي واني متشائم في تحليلاتي، فلا تستعجل علي ودعني اطرح عليك بعض الاسئلة وسنرى اذا كنت ستضل تعارضني ام لا:
  1. ماهي عدد الوزرات التي تتبنى النظم الالكترونية؟ هل جميع الوزارات ام بعضها ؟
  2. ماهي نسبة المعاملات الالكترونية و المعاملات اليدوية ؟ هل اكثر من 90% من المعاملات الداخلية والخارجية تتم عن طريق النظام الالكتروني ام عن طريق الاجراءات اليدوية ؟
  3. ماهي قنوات الاتصال التي عن طريقها يستطيع الفرد ان يتصل بالوزارة او الهيئة الحكومية ؟ هل يتم استخدام الشبكات الاجتماعية والبريد الالكتروني والهواتف النقالة او المواقع الالكترونية ؟
  4. ماهي كفاءة هذه القنوات في تخليص معاملات الافراد والشركات ؟
  5. هل النظم الالكترونية المختلفة الموجودة حاليا في الوزارات مرتبطة مع بعضها البعض ؟
  6. هل هناك ملف الكتروني صحي واحد للفرد بحيث يستطيع الدخول عليه الفريق الطبي في اي مستشفى او مستوصف؟
  7. هل هناك قواعد بيانات تحمل جميع معلومات الفرد والشركة سواء كانت طبية او اجتماعية او دراسية ؟
  8. هل النظام التعليمي قائم على التكنلوجيا؟ مثل المناهج والكتب الالكترونية؟  ونظام التسجيل والتدريس ومواد التعليمة كلها مرتبطة ببعضها البعض ؟
  9. هل عمليات التوظيف وتسجيل العمالة وتجديد الرخص عن الطريق الانترنت ؟
  10. هل هناك قوانين تحكم التعاملات الالكترونية ؟
  11. لماذا لا يستطيع الفرد ان يجدد معاملة الخادمة عن طريق الانترنت ؟
  12. لماذا لا يستطيع الفرد ان يصدر جواز سفرة عن طريق الانترنت ؟
  13. ماذا لا يستطيع الفرد ان يطلب شهادة التأمينات عن طريق الانترنت؟ بل لماذا يطلبها بالاصل اذا كان هناك ربط الكتروني بين الجهات الحكومية ؟
  14. لماذا لا تستخدم البطاقة المدنية (البطاقة الذكية) كوسيلة دفع مثل بطاقات الائتمان والدفع السبق؟
لماذا و لماذا ولماذا واستطيع ان استمر بالأسئلة حتى تجف كل اقلام الوزارات دون الحصول على دليل واحد بان البنية التحتية الحالية يمكن ان يطلق عليها تكنلوجيا، وانا هنا لا اتلكم عن الوجود المادي للمعدات او النظم، لان هناك تكنلوجيا قائمة موجوده مثل موقع وزارة المواصلات او وزارة الداخلية، وهناك بعض المعاملات الحكومية تقوم على نظم الية مثل المخالفات والبطاقة المدنية، لكن هذه الامثلة ممكن ان تعتبر تكنلوجيا اذا قارناها بالدول الفقيرة مثل السودان وبنغلادش وجزر القمر ...
نحن هنا نتحدث عن تكنلوجيا بمستوى الدول المتقدمة والعواصم المتطورة مثل اليابان وامريكا وسنغافورة و المانيا، فالكويت ليست دولة فقيرة او محدودة الموارد او فاقدة للعناصر البشرية المطلوبة او تعاني من الحروب والمجاعة حتى نقارنها بالدول الفقيرة، نحن نقارن الكويت بالدول المجاورة والدول المتقدمة، نقارن وضعها التكنلوجي والفني مع اخر ما توصل اليه من علم وتطور ومعدات ونظم في الاسواق العالمية، وهذا ليس غريبا، فاذا كانت دبي تقارن نفسها بالعواصم الكبيرة مثل لندن ونيويورك وامستردام (تصريح من قبل الرئيس التنفيذي لهيئة النقل والمواصلات د. يوسف العلي)، فلماذا لا نقارن انفسنا بهذه الدول ؟! هل هناك عائق اقتصادي يمنع الحكومة بتبني هذه الفلسفة الادارية الجريئة ؟ هناك عوائق لكن ليست مادية ولا تكنلوجيا، العوائق هي في النظام الاداري والهيكل الحكومي الذي يحتاج الى اعادة ترتيب وهندسة جديدة تناسب التطور واحتياجات المجتمع.
فبناء بنية تكنلوجية كاملة ليست امر مستحيل او حتى صعب ، قد يكون صعبا على الأفراد، لكن اذا كان الحديث على مستوى دول او شركات عملاقة، فان العملية تعتبر بسيطة، لان الحكومات والشركات لها مصادر مالية وبشرية اكبر وافضل من الفرد، وان هناك الالف من الشركات تستطيع ان تساند الدولة في انشاء البنية التحتية السليمة والتي تواكب احتياجات المجتمع وبيئة العمل، فالتكنلوجيا ليست ممنوعة عن احد والكل لديه القدرة على اقتنائها والاستفادة منها، لكن ما ذا تعمل لمن لا يريد ان يساعده نفسة ولا يريد ان يتطور ؟
اختم كلامي بان الكويت تستطيع ان تكون الدولة الرائدة في مجال التكنلوجيا خلال 5 سنوات فقط وان تحقق معدل لا يقل عن 90% في تحويل جميع المعاملات في الدولة على جميع الاصعدة الى معاملات الكترونية.