الخميس، 19 أبريل 2012

خفض قيمة الدينار بين الوزارة وخطة التنمية

وسط الزحمة النقاشية بخصوص موضوع ميزانية الدولة ومطالبات النواب بزيادة الرواتب، صرح وزير المالية الشمالي بان الحل الوحيد لتجنب الكارثة الاقتصادية التي ستحصل بالميزانية هو تخفيض سعر الدينار الكويتي للاستفادة من تحويلات الناتجة من بيع النفط، لهذا التصريح منظورين: منظور اقتصادي ومنظور سياسي. ولكن قبل التطرق الى التفاصيل اوالتحليل ما المقصود بخفض سعر الدينار وما علاقته بميزانية الدولة ؟
دولة الكويت تقوم بعقد صفقات نفطية بعملات اجنبية، بمعنى تقوم الدولة ببيع النفط بالدولار ثم تقوم بتحويل الايرادات من الدولار الى الدينار، ولتزيد الدولة ايراداتها تقوم بتخفيض عملتها ليكون مثلا الدولار 1 $ = 0.277 د.ك الي 1 $ = 0.135 د.ك وبالتالي زيادة الايرادات بالدينار الكويتي عند التحويل لانه القيمة الشرائية للدولار بالنسبة للدينار الكويتي اصبحت اكبر.
من المنظور الاقتصادي، لاشك ان الاقتراح يزيد من ايرادات الدولة ويعتبر احد الوسائل للتغلب على مشاكل الاقتصادية لكنه يعتبر الاخطر والاخير، فهو يعتبر ندبة في وجه خطة التنمية، لما له من نتائج سلبية كثيرة اهمها:
1. خفض سعر العملة يعني تقليل القوة الشرائية للدينار، ما يحصل عليه المواطن بالوقت الحالي بقيمة 1دينار، سيحصل عليه بقيمة 2 دينار بعد خفض العملة، هذا يعني ان تخفيض العملة سيكون السبب الاساسي في خلق التضخم في الاسعار.
2. خفض قيمة الدينار يؤدي الى خفض قيمة الاصول التي تمتكلها الشركات الاستثمارية.
3. اخفاض سعر العملة يبعث رسالة صريحة الى الدول الاجنبية بان الدولة تعاني من مشاكل اقتصادية وبالتالي سؤثر على عمليات استقطاب الاستثمارات الاجنبية، لان الاسثتمارات تحتاج الى بيئة اقتصادية مستقرة.
4. خفض العملة يعتبر حل مؤقت وليس دائم، لما له من تأثير سلبي على المستوى المعيشة القوى الشرائية للافراد، مما يؤدي الى مطالبات اخرى لزيادة الرواتب، وستواجه الحكومة نفس المشكلة مرة اخرى.
اما اذا نظرنا الى الموضوع من الناحية الساسية، فان التصريح يعتبر دليل واضح على تردي المستوي الحكومي، وانه يضع وزارة المالية بين امرين: ان الوزارة لا تمتلك المؤهلات الاقتصادية والمالية لاقتراح الحلول المناسبة وان هذا الاقتراح هو الوحيد الذي استطاعت العقول الوزارية باكتشافه، او ان الوزارة تعتبر مسيرة ولاتملك اي حل اخر غير تخفيض سعر العملة بسبب فقدان الدعم الحكومي او غياب الحلول في خطة التنمية، فاذا كان الاول فهذا يعني ان الوزارة يتقلدها ناس لاتستحق المناصب وان مايدور في خلد الوزارة هوعبث واستهتار في الاموال العامة، اما اذا كان الثاني فهذه ام المصائب، فالحكومة وضعت خطة لمدة خمس سنوات لتعالج مشاكل خمس سنوات على اقل تقدير، فكيف يمكن ان تحدث مشكلة كان المفترض ان لا تقع؟ ولماذا يغرد وزير المالية بحلول مخالفة لخطة التنمية ؟ او على الاقل لماذا لم يكن اقتراحه مذكور في خطة التنمية ؟
فكلا الحالتين، الاقتراح بخفض العملة هو دليل صارخ على سوء الادارة الحكومية وعدم جديتها في وضع حلول جذرية لمشاكل معلقة من سنين ، وان حلولها هي حلول ردة فعل، وان خطة التنمية خطة من غير خطة.
اخواني افضل حل للقضية هي خلق مصادر دخل جديدة للدولة وتقليل الاعتماد على النفط، دولة الكويت تعاني من اقتصاد هش يعتمد كليا على اسعار النفط، ارتفاع وانخفاض الاسعار ليس تحت سيطرة الدولة بل تحت سيطرة الاقتصاد العالمي، والحل الثاني هو ربط زيادة الرواتب بانتاجية الموظفين ومعدل التضخم السنوي، فالزيادات الاعتباطية الغير مدروسة تخلخل سوق العمال وتخلق فجوات لايمكن سدها الى بتضحيات لايمكن لاقتصادنا تحمله.

الأربعاء، 11 أبريل 2012

نظرة اسلامية في المسلمين

الهدف الاساسي للتيار الاسلامي هو تطبيق النظام الاسلامي في كافة المجالات وبشكل كامل للحصول على دولة اسلامية تتبع شرع الله وتحرص علي تطبيق الاحكام الاسلامية والسنة النبوية، ولتحقيق ذلك يخوض الاسلاميون المعترك السياسي للوصول الى المناصب التشريعية والتنفيذية لتمرير اجنداتهم وتسهيل مساعيهم، لكن الشيئ المؤكد بان تحديد الهدف لايكفي، ولكل هدف وسيلة، وهنا تكمن المصائب، هل الهدف السامي مفهوم بشكل سليم ومعرف كما عرفه الله سبحانه وتعالي؟ وماهي وسيلة الاسلاميين في تحقيق هدفهم السامي؟
للانسان خياريين: اما دستور الله او دستور البشر، فاذا اختار دستور الله سبحانه وتعالي فقد اختار الكمال الاسلامي بمجمله وبما يحتويه من انظمه سياسية واقتصادية واجتماعية، واذا اختار دستور البشر فقد حضن النقص والدستورالمعيوب، و التاريخ كفيل باثبت نقوصات الانظمة البشرية الثلاثه (الشيوعية والديمقراطية الرأسمالية والاشتراكية).
وهنا المفارقه الصريحة، لماذا يخلق الانسان دساتير ناقصة غير دستور الكمال الذي وضعه الله سبحانه وتعالى ؟ الانسان بطبعه ناقص دائم البحث عن الكمال فكيف يترك نظام الله ويصنع لنفسه نظام يتفاعل مع اقرانه بشكل معيوب ومنقوص؟
الاجابة التي نبحث عنها ليست موجودة في دستور الله والنظام الاسلامي، بل الاجابة موجودة في البشر انفسهم، فهروب الانسان من تبني النظام الاسلامي ليس لانه محدود بالزمنيه والظرفية، او ان التطور المدني والرأسمالي اثبت نجاحه واثبت فشل النظام الاسلامي، بل السبب هو اذهان الناس التي تبنت الاسلام كفكرة مشوهة والممارسة المغلوطة  لبعض الفئات المتطرفة.
فالمسيحيه على سبيل المثال، تم تحريفها وممارستها بشكل يتماشى مع مصالح المسيطرين علي الكنائس واستغلال اسم الدين لتحقيق رغبات الكهنه، فستغلوا جهل الناس بتوزيع صكوك الغفران، وقمع حرياتهم واضطهادهم وتفكيك المجتمع، و كانت نتيجة افعالهم هو لجوء الناس الى خلق نظامهم الخاص والهروب من الدين المشوه وانشاءة النظام الديمقراطي الرأسمالي كردة فعل للحفاظ على مصالح الفرد وتهميش المصالح الاجتماعيه وتبني الفكره المادية.
المطالبين الحاليين بتطبيق النظام الاسلامي لايختلفون عن الكهنة ولم يستفيدوا من التاريخ، فهم يصرون على استخدام نفس المنهج القمعي، ويتجاهلون بان النظام الاسلامي مقيد بالثبوت فلا يمكن للانسان ان يغيردستور الله، وان الناس لا تفهم كل شيئ مكتوب والتفسير في الاسلام مشكلة، كل ملة تفسر حسب اجتهاداتها وهذا بدوره يخلق التباين والاختلاف في كيفية تطبيقه وبالتالي الانحراف عن  شرع الله وعن الدولة الاسلامية المثالية.
اما بالنسبة للوسيلة التي من خلالها يمكن تحقيق الهدف، فهناك من يتبنى منهج واضح ومعلن الاهداف والوسائل ويعبر عنه احد الكتاب الكويتين بانه  شخص " يستحق الانصاف بمقدار المخالفة"، وهناك من يتبني منهج الحرباء ويؤمن بان الغاية تبرر الوسيلة.
لااريد ان اركز على الفروق لان " الاعور على العميان باشه" مايهمنا هو العامل المشترك في كلا الاسلوبين وهو تحقيق النظام الاسلامي، فماهي مرتكزات النظام الذي يتبنونه ؟ ما هي مبادئه التي تميزه عن النظام الشيوعي والاشتراكي والديمقراطي الرأسمالي؟ النظام الاسلامي نظام يكفل الحياة الفكرية والاقتصادية والمجتمعية والسياسية وهو مبني علي ركيزتين: معنى الحياة والتربية الاخلاقية. فالاول يحتاج الي شرح فلسفي لانريد ان نثقل علي القارئ لكن بالمجمل هو ان الحياة التي نعيشها هي حياة فانية ومرحلة استعداد للحياة الاخرة وهو مايميزه عن النظره المادية التي يتبناها النظام الراسمالي والشيوعي، اما المرتكز الثاني (التربية الاخلاقية) فهو المبدأ الذي يعزز القيم الاجتماعية والاخلاق كالعدل والانصاف والتسامح والصدق والامانة وكل القيم التي ترتقي بالروح للوصول الي الانسان والمجتمع الكامل.
السؤال المهم هل التربية الاخلاقية متبنى في نظامهم واساس في عملية تطبيقهم للسياسة الاسلامية ؟ هذا ماسنتناوله في المقاله القادمة انشاءالله.
في النهاية اريد ان اوضح ان الدين الاسلامي نظام مثالي ومسطرة الكمال وميزان العدل، لكن لايمكن تطبيقه بسبب غياب الفهم السليم وتعدد الملل التي تتصارع فيما بينها للفوز بمعارك لايكون الخاسر فيها الا الاسلام، فمايسعون اليه ويطالبون فيه هو ليس نظام الله ولا رسوله الكريم – صلى الله عليه واله وسلم – وان نظامهم كلمة حق يراد بها باطل.
ملاحظة
في المقالة القادمة نتطرق الى مرتكزات النظام الذي يسعي الى تحقيقه الاسلاميين وم ونسلط الضوء على الساحة السياسية الكويتية وممارسات الاسلاميين في تحقيق اجنداتهم.

الأحد، 8 أبريل 2012

الفساد والوحدة الوطنية


العجب كل العجب من مجتمعنا، واقول مجتمعنا لا نوابنا، مجتمعنا الذي يتذاكى على نفسه ويعيش وهم المطالبة بالوحدة الوطنية، الوحدة الوطنية التي اصبحت من اولويات المجتمع قبل الصحة والتعليم، هذه مصيبة الجهل وما ادراك ما الجهل، عصبو عيونكم عن الحقيقة لتغرقوا في الحلم الوردي، نعم ان الوحده الوطنية حلم وردي لا يمكن ان يتحقق مادامكم تعيشون في غيبوبة الجهل والمجهلة.

التمزق الوطني الذي نعشيه في ظلال نوابنا هو اعراض مرض، مرض تغلغل جسد بلادنا وسرطن عقولنا وافكارنا، المرض الذي لا يحترم سني ولاشيعي، ولا مسجد ولا حسينية، ولا حضري ولابدوي، ولا يعرف صغيرا ولا كبيرا، ولا قانون ولا مشرع، المرض الذي يسمى بالفساد.
لكل معلول علة، وعلة الوحدة الوطنية هي الفساد، الفساد التشريعي الذي يستغل بالصاعده والنازلة جهل البسطاء في تلبية حاجاته ومصالحه الشخصية، الفساد الذي يجعل شطحات ضمائر الامة كالسهام المسمومة تخترق كل عضو من اعضاء الوطن، فلا اخلاق ولاقانون ولا سلطة ولا اسرة حاكمة سلمت، نائب يستغل صلاحيته التشريعية في ابتزاز الحكومة لتمرير قانون يشعل الفتنه بين الطوائف، وآخر يسن قانون لقمع الحريات، وآخر يوظف اقربائه من غير عمل، واخر واخر واخر ... الى ماله نهاية.
كل هذا يحدث امامنا ونحن مازلنا نطالب بالوحدة الوطنية ! فكيف تكون الوحدة الوطنية بوجود هكذا جرم اخلاقي يبعث النفس الطائفي بين اطياف المجتمع !! اليس الفساد هو استغلال الصلاحيات والممتلكات العامة لاغراض شخصيه او تلبية مصالح فئة معينة علي حساب اخرى، فلاوالله لم يكتفو بهذا ايضا، بل غيروا مصطلح الفساد وزادوه فسادا واضافوا اليه صلاحيات غيرهم، وتعدو حتى على الدستور الذي يقضي بفصل السلطات وانتزعوا الصلاحيات التنفيذيه، ونحن هنا مازلنا نتكلم عن الوحدة الوطنية، ونتلو الآهات والالم على ماض انتهى وحلم لن يتحقق، بدأ المجلس من شهور ولم نرى اي قانون قدم بموضوع الفساد ولا حلول ولا علاج له، اي علاج يقدم وهم لايملكون طريقة في قياس الفساد، كيف يقترحون وهم لايعرف من اين يبداون؟ كيف يصفون الحلول وهم لايعرفون ماهو الهدف المراد تحقيقه؟ كفى ضحك على الذقون، الي متي ايتها الامة المغلوب على امرها، انهضي وازيحي تراب الوهم عنك واقرئي الواقع، انت امة " اقرأ" لا قراءة الكتب والنص، بل قراءة الحقيقة والعقول.
اذا نظرنا الي الموضوع من الناحية العلمية، لاكتشفنا كيف تدار الامور، وجدية ضمائر الامة في تقديم الحلول، الكويت تعتبر الدوله ٥٤ في ترتيب الفساد بنسبه ٤.٥ ( صفر فساد كامل، ١٠ نزاهة كاملة)، فهي تعتبر اقل مرتبة من دول الخليج وتعاني من جميع انواع الفساد وعلى رأسها الفساد التشريعي، فلم تخلي منها الابتزاز والواسطة والرشوة والمحاباة واستغلال المناصب، واذا نظرنا الى الاقتصاد لراينا مؤشرات واضحة على تفشي الفساد وتغلغله،  فغياب الاستثمارات الاجنبية، وتوجهه المشاريع الى برامج مبهمة لايمكن تتبع او رصد اموالها ونفقاتها، وقله الجودة والكمية المعروضة في الخدمات والبضائع العامة، وضعف دور القطاع الخاص في التنمية كلها دلائل على تردي الوضع.
نحن لسنا اول بلد يتعرض الى هذا المرض، او دولة تفتقد الحلول والعلاج، فالحلول موجودة وفي متناول اخواننا النواب الافاضل، فهناك مقترح بانشاء هيئة عامة للنزاهة التي تراقب مجلس الامة والبلدي وديوان المحاسبة والقضاء والنيابة وكل مؤسسات الدولة، ولكن السؤال هل سيتبناه نوابنا الافاضل ويسعون الى تحقيقه ؟
اخواني، اذا رايتم الدول الاجنبية ترسل ابناءها الى الكويت في سبيل العلم، ومرضاهم للعلاج، وانشاء المساجد السنية بجوار الحسينيات، وعقوبات رادعة وقوانين تجرم عضو مجلس الامة، ومشاريع تتجه الى انشاء بنية تحتية، فعلموا اننا لسنا بكويت الطائفية القلافية الهائفية، بل كويت النزاهة والوحدة الوطنية.

الجمعة، 6 أبريل 2012

التغيير بين مطرقة المواجهة وسندان الجهل


ان الله سبحانه وتعالي انعم على الانسان القدرة علي التكيف والتغيير، التغيير الذي جعلنا على طريق الهداية وباب الرحمة الاسلامية، لولا التغيير لما وجد الاسلام والمسلمين ، فاول من بادر فيها هو رسولنا الاعظم "صلى الله عليه واله وسلم" عنده تقبله الحياة الجديدة الممتلئة بالمسؤولية ومشقة حمل الدعوة الاسلامية ونقلها للشعوب.
فالتغيير هو الانتقال من حالة معلومة الى حالة مجهولة منشودة، كالتحول من حالة السكون الى حالة الحركة، ويمكن ايضا تعريفه باسلوب التضاد وهو الشيئ المعاكس للثبات، ويمكن ان يكون التغيير ايجابي او سلبي، وهناك مستويات في التغيير اولهم المستوي الفردي ثم المستوى العائلي ثم المستوي المجتمعي ، وايضا هناك انواع كثيرة لتغيير مثل التغيير الفكري والتغيير السياسي والتغيير الاجتماعي، مايهمنا هنا هو التغيير الام والاصل وهو التغيير الفكري علي المستوى الفردي، اما بالنسبة الى المستوي العائلي والمجتمعي سيكون في مقاله اخرى نتكلم عنهم بالتفصيل انشاءالله.

التغيير هو حاجة ضرورية وليست من الكماليات، لايمكن الاستغناء عنه ولا الهروب منه، وكلنا نعيش فيه، والدليل على ذلك اجسامنا فهي تتغير بمرور الايام من الضعف الي الكمال الي الضعف، وفي كل مرحله نحاول ان نتكيف بطريقة مختلفه فعند الصغر نهيئ الجسم ونقويه عن طريق الصبر ومرور الوقت الذي بدوره يقوي عضلات الطفل ويجعله يمشي وياكل ويلعب، وعند  وصول الكمال نحاول ان نطيل الصحه بممارسة الرياضة والانتباه الى الاكل، وفي الكبر نقوم بتناول الادوية للمحافظه على الصحة وتقليل الالم.

فاذا اقرينا بان التغيير امر حتمي، تآتي بالتبعية مسآله الاولويات والاصل، وهو التغيير الفكري، فلاولا التغيير الفكري لما استطعنا  مواجهة تغيير اجسامنا ومعرفه الكيفية التي نعالجهم بها، فالتغيير الفكري هو تغير المعتقدات والقيم التي نمت من خبرات سابقة، لكن لماذا نحتاج الي التغيير الفكري ؟ نحتاج الى التغيير الفكري لان الفكر جزء من معادله عناصرها متغيرة لا تعرف السكون، فالزمن يتغير والمخلوقات تتغير والعالم باجمعه يتغير، لذلك اصبح علينا لزاما ان نتغير والا اصبحنا علة وعائق على المجتمع، يقال " لكل زمن دولة ورجال"، فلايصلح ان يكون لكل زمن نفس العقول والتفكير باجساد مختلفة، ترث منهجها مجملا وتفصيلا من جيل الى جيل وتطالب ايضا بالتطور والتقدم.

نعم التغيير صعب، لكنه صعب على التقليدي الذي يخاف المجهول والانسان عدو مايجهل، صعب علي الذي يخاف معارضه النفس، صعب علي الذي يخاف من كلام التقليديين، ولكنه ايضا سهل على المتجرآ على عقله، الدائم علي تهيئة العقل والنفس الى اكتشاف المجهول، والساعي الى تحقيق الهدف والمتحمل  لمرارة الفشل.
لا يمكن للطموح والتطور والاصلاح ان يتقابل مع السكون والثبات، قال سبحانه وتعالي " ان الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بانفسهم" ، وللتغيير تكلفة يجب ان يتحملها الباحث عن حقيقة الامور، ففي التغيير لا تجد الراحة والطمانينة المطلقة، لاتجد النظره الطبيعية من الاخرين، لاتجد القبول المطلق من الاخرين.

اذا كنا من اصحاب التغيير والمؤيدين له، علينا بتهيئه انفسنا ومن حولنا للتغيير الي الافضل، فالتغيير يزداد بالحوار المحترم والعلمي، علينا بمحاكاة العقول لا النفوس، علينا بملازمة المتميزين، علينا بفهم المجهول ودراسته لتقليل غيبياته وتوضيحه ملامحه، علينا مراعاة البيئية وظروفها وافرادها، فالكبير له حق الاحترام والصغير له حق التقدير، لا يمكن حصر المعلومات او الفهم على فئة عمرية، على الصغير المحاورة بآدب وعلى الكبير الاعتراف بعقلانية الصغير، " اعطي لكل ذي حق حقه"، علينا بالاعتراف اذا واجهنا الحق واكتشفنا جهلنا.

عزيزي القارئ ان الثابت الوحيد هو التغيير، وثمن التغيير معجل وثمن السكون مؤجل، فواجه جهلك بالاعتراف والتجرآ على العقل وبادر بالنقاشات البناءه وجرد نفسك من قيود البيئة التقليدية، فالمتميزون هم المبادرون للتغيير.

الثلاثاء، 3 أبريل 2012

النظم والفكر السياسي في الكويت

عرف علماء النفس التفكير بأنه عمليات مقارنة تنشأ في عقل الانسان يستطيع من خلالها ايجاد ماهية الامور، وان العقل يحتاج الي متغيرين اثنين لتكتمل عنده عملية التفكير، المتغير الاول هو المقارن (الشيئ المراد التفكير فيه) والثاني هو المقارن به (المعيار الذي ينسب اليه الامر للحصول على نتيجة).
المراد من هذه المقدمة هو التمهيد للتطرق الى موضوع اشمل من التفكير وهو ما يطلق عليه "النظام"، ولكن سنستخدم عنوان التفكير لاثبات مصطلح "النظم" وبعدها سنعمم المصطلح ونطبقه علي الساحه السياسية.
واضح من تعريف التفكير بانه يتكون من اجزاء رئيسية واجب توافرها وهي

  1.  المتغيرات ( المقارن والمقارن به او مايسمى بالمعطيات Inputs )
  2.  والعملية (Process وهي عمليه المقارنة)
  3.  والاستنتاج (  output وهي المخرجات او الاقتراحات او الاراء التي يصل اليها الفرد بعد التفكير)
السؤال المهم هو: كيف تتفاعل هذه العناصر مع بعضها البعض؟ ماهي الالية التي تنظم هذا التفاعل بشكل سليم للحصول على الناتج المطلوب؟  الاجابة هي "النظام"
النظام هو عبارة عن الالية التي تربط بين المتغيرات والعناصر للحصول على نتيجة معينه، ففي مثالنا السابق تكلمنا عن النظام الفكري ففيه يتم ربط المعطيات مع بعضها البعض ومعالجتها عن طريق العمليات الفكريه (المقارنة) للحصول على استنتاج معين بحيث يتوافق مع دقة وصحة المعطيات وجوده ومستوي العمليات الفكرية.
وهناك انواع مختلفة من الانظمة تختلف حسب الميادين منها النظم الفكرية، النظم الاجتماعية، النظم السياسية، النظم المعلوماتية ...الخ، ولكن كلها تتشارك بأنها المحرك الاساسي للانسان ومن غيرها يتخبط ويعيش في حاله من الفوضى ولايمكن ان يصل الى الهدف المطلوب  ولا الى بر الامان.
الان بعد المقدمة الطويلة، مايهمنا هو النظام الفكري السياسي وكيف يمكن استخدامه بشكل يحسن من المخرجات السياسية وتسهيل حياة الناخب في عملية التصويت وتقليل الشوائب الفكرية والاعلامية التي تلازم الساحة السياسية.
صوت الناخب هو نتاج النظام الفكري السياسي والذي يتكون من (معطيات) او معلومات يتلقاها من وسائل الاعلام المختلفة كشبكات التواصل الاجتماعي والتلفزيون والجرائد والدواوين، والجزء الثاني هو العمليات او المقارنه الفكرية التي تعالج هذه المعلومات، اذا الاهتمام بعناصر النظام وتحسين جودتها والتأكد من دقه المعطيات وصحتها سيرفع من مستوي جودة النظام وبالتالي سيؤثر بشكل مباشر في اتخاذ قرار الانتخاب و المخرجات السياسية، حاله كحال صناعة السيارات، صناعة السياره تحتاج الي مواد خام مثل الحديد والزجاج، وهذه المواد تعالج بطريقه علمية معينة باستخدام الالات ومعدات وطاقات بشرية فتتحول من شكل اولي ومواد خام الى وسيلة نقل تستخدم لخدمة الانسان. فبالتالي تحسين مصادر المواد الاولية وجودتها وايضا رفع مستوى الاداء البشري وتعليمهم وتطوير الالات والمعدات سيرفع من مستوي المعالجه والصناعة والذي سؤثر على الناتج النهائي.
في الساحة السياسية الحالية، يتعرض الناخب الى الكثير من الشوائب الفكرية بشكل يومي من معلومات مغلطة وبكميات كبيرة لايستوعبها حتي اكبر الحواسيب في العالم، لدينا 50 عضوا لو كل واحد منهم يصرح مره واحده باليوم فهي 50 عضو * 50 تصريح *360 يوم * 4 سنوات = صوت منتهي الصلاحية لا يعرف من اين خرج والي اين يذهب.
لا يستطيع الناخب العادي حفظ ومتابعه جميع النواب والحكم علي مواقفهم المتشابكة وسيكون مقصر في حق واجبه اتجاه الوطن في اخراج عقول تبني الوطن وتحافظ علي مصالحه، وهنا ياتي دور الحكومة بحكم سلطتها وامكانيتها ان تصلح الامور وتتأكد بان العمليه الفكريه السياسة للناخب سليمه وفي مستوي جيد ينتج صوت سليم ويختار الانسب وخالي من الشوائب والمغالطات، وذلك عن طريق امرين:
1.       تحسين جودة المعلومات: على الحكومه ان تخلق مصدر للمعلومات سليم معافي من اي مدخلات سلبية عن جميع النواب تشمل تصريحاتهم ومواقفهم في كل قضية وبرامجهم الانتخابية التي وعدوا الناخبين بتطبيقها، ويتم ذلك عن طريق خلق هيئة غير ربحية من كوادر سياسية ترصد اداء النواب وتنشر تقاريرها بشكل دوري في الصحف والانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي وايضا انشاء موقع استبيان يستطيع النائب من خلالها تقييم النواب خلال اربع سنوات وتقديم اقتراحاتهم، وتكون هذه المعلومات متوفره في كل انتخابات بحيث تعتبر مرجع للناخب يكمن خلالها دراسه حياة المرشح السياسية والحكم عليها.
2.       تحسين عملية التصنيع: علي الحكومه ان تحسن من مستوي التصنيع السياسي وتحسين مستوي الفكر من خلال انشاء برامج سياسية تستهدف الشباب وتعزز المناهج التربويه السياسية وتوضيح الدور السياسي الذي يقوم به الفرد وكيفيه استخدامه في اخراج عقول بناءه للوطن وبان صوت الفرد واجب وطني يجب توظيفه في المكان الصحيح.

الأحد، 1 أبريل 2012

الشك حسن ام قبيح ؟

 يرى بعض المفكرين بان الشك قضيه تسلب الانسان استقراره الروحي والفكري ويجب علي الانسان تفادي كل عامل يساهم في اشعال و ابراز ملامح الشك، وان الشك هو اساس الاضطراب النفسي الذي يعتبر الخليه المسرطنه التي تغير المرتكزات العقائدية لدى الفرد.

قبل الخوض في تحليل الاطروحة السابقة، اود ان ابني التحليل على اساس علمي من خلال البدأ بتساؤلات عن الشيئ المراد معالجته، فلا يمكن ان نبحر في الاحكام والتحليل من غير تحديد الدائرة النقاشية وتبعاتها، ثم انتقل الى تحديد المتغيرات المرتبطة في المعادلة ( في حالة تمثيل الموضوع بانها معادله لخلق نموذج فكري حاله كحال النماذج الرياضية والاقتصادية)  ثم الي ايجاد العلاقة بينهم والاستتناج النهائي.
اذا نبدأ بما هو الشك ؟ وما مصدر الشك ؟ وهل هو حسن ام قبيح ؟

الشك هو حالة تبعث في الانسان عدم الاستقرار وعدم السكون، فعندما تشك بانك نسيت محفظتك في السيارة وباب السيارة مفتوح، يتملكك احساس الشك وعدم الاستقرار وذلك بسبب جهلك وعدم التيقن بمكان المحفظة، فهل هي فعلا موجودة في السيارة ام في البيت ؟
 فاذا مصدر الشك هو الجهل بالشيئ  بمعني عدم الالمام او ادراك الامر، ففي المثال السابق كان الشخض يجهل مكان المحفظة.
اما بالنسبة الي ماهيه الشك بانه حسن ام قبيح فيعتمد على الموقف، فهو امر نسبي ممكن ان يكون قبيح في امر ما وحسن في امر اخر، القاعده التي تحكم الموقف هي الغاية، فاذا كان هدف الانسان هو الشك بعينه بحيث يسعي الي التشكيك في كل الامور لغرض اللهو اوالعبث فهو امر قبيح، بحيث يعتبر الشك كمنزل لفكره ومحطة دائمة لعقله، اما اذا كان الغرض منه الوصول الي اليقين واعتباره طريق لابد من عبوره فهو اذا امر ممدوح.

بعد تعريف الشك ومصادره نستطيع توسيع البحث لتغطية متغيرات اضافية تفرض نفسها علي المعادلة الفكرية وهي ما بعد حالة الشك؟ ماهي الحالة الذهنية التي تلي الجهل والشك ؟ الجواب هو " السؤال "، فالسؤال هو وليد الشك الحسن ويعزز طريقه التفكير والعقل عن طريق البحث والتحري، فالسؤال كما يصفه الشهيد مرتضى المطهري(احد اعظم الفلاسفة الاسلاميين) هو احد الغرائز البشرية ومقدمة للتحقيق والبحث للوصول الى اليقين.
فالسؤال لغرض البحث عن اليقين هو بعينه تجرأ علي العقل وكسر القيود الفكرية التي نشأت من التقليد المجتمعي وتوارث المجهول دون تحقيق، وافضل مثال على هذا هو القرأن الكريم حين حث علي الشك والتساؤل في تقليد البيئة وفي التمسك بعبادة الاصنام لانها ورث الاباء والامهات.

وفي النهاية نكتشف بان هناك علاقة بين المتغيرات الاربعة الجهل والشك والسؤال واليقين، وبان اليقين هو وليد الشك والسؤال هي الاداة التي تساعد في البحث والتحري، وان الشك هو مجرد معبر وليس منزل للاستقرار الفكري وانه مطلوب للوصول الى اليقين والحقيقة.